بين منع مكبرات الصوت وإجازة العيد

 

 

ناصر بن سلطان العموري

abusultan73@gmail.com

 

انشغل الرأي العام مؤخرًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن القرار الذي اتُّخذ من جانب وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في منع الجهر بالصلاة عبر مكبرات الصوت الخارجية والاقتصار على الآذان فقط، وهو ما أثار الجدل؛ كون القرار يتعلق بنُسك ديني، غير أن الحقيقة التى لا تعلمها الأغلبية أن هذا القرار قديم، ويعود إلى 13 سنة مضت، حينما صدرت لائحة الجوامع والمساجد بالقرار الوزاري رقم (955/2010) والتعديل الذي جرى مؤخرًا على اللائحة، من خلال استخدام مكبرات الصوت الخارجية في الجوامع والمساجد تكون مقتصرة على رفع الأذان، كان فقط مع إضافة مادة جديدة إلى لائحة الجوامع والمساجد بفرض غرامة مالية مقدارها 1000 ريال. وهنا يمكن السؤال: هل يستدعي الوضع كل هذا الضجيج وإصدار القرارات وفرض الغرامات لمجرد الجهر بالصلوات؟!

القرارُ تزامن مع دخول شهر رمضان المبارك في ظل الأجواء الروحانية الإيمانية المرتبطة بالشهر الفضيل، ومع ما تُمثله فريضة الصلاة ومنها بطبيعة الحال صلاة التراويح التي ينتظرها المسلمون بفارغ الصبر ويتلهفون لإقامتها، وهو ما حدث بالفعل حينما ضجت المساجد والجوامع بالجهر بالصلوات عبر المكبرات الخارجية، وهو ما اعتبرته الوزارة تجاوزات مخالفة للقرار السابق؛ بل واستدعي الوضع فرض غرامات كبيرة للمتجاوزين.

إعادة نشر القرار وما صاحبه من غرامات يَرَاها البعض مُبالغًا فيها وأثارت استهجان العديد من المواطنين الذين عبروا عن رأيهم بطرق شتى عبر مواقع التواصل، والتي أصبحت في وقتنا الحاضر صوتَ من لا صوت له، مُستغربين من القرار وإعادة طرحه والغرامة الكبيرة؛ بل ورأى البعض كيف أن تصدر مثل هذه القرارات في شهر رمضان شهر الخير والبركات والأجواء الروحانية الإيمانية؛ بل وصل الأمر بالبعض أن يعتبره كَبتًا للحرية الدينية؛ فالجهر بالصلاة وما تحويه من قراءة لكتاب الله من شأنها أن تُنبه غافلًا ضلَّ طريق الإيمان، وناسيًا الانشغالَ بأمور الدنيا، وصاحب عذر قاهر يُصلي يتابع مع الإمام بالمنزل، فما أحلى سماع كتاب الله في كل وقت وحين.

لكنَّ الوزارة اعتبرت القرار قرارًا تنظيميًّا في المرتبة الأولى، وتنظيما لقطاع المساجد التي يُسيء فيها البعض -ربما دون قصد- استخدام مكبرات الصوت عبر منارات المسجد من النوع ذي الصوت العالي، وهو ما يَتداخل مع حرمات الغير، لا سيما وأنَّ معظم الجوامع والمساجد تقع في قلب مناطق سكنية، وإن كانت هذه ليست بقاعدة تتطلب إصدار مثل هذا القرار.

وفي المقابل، لم تغلق الوزارة الباب من استخدام مكبرات الصوت في الجوامع التى تمتلئ بالمصلين، ويضطر البعض منهم للصلاة في الخارج شريطة استخدام مكبرات الصوت ذات الصوت المنخفض، وبما لا يتجاوز حدود الجوامع والمساجد الخارجية.

رأي الوزارة يُحترم من باب التنظيم والتأطير، ولكن لماذا لا يُعاد النظر فيه؛ لما فيه من أبعاد ربما سوف تتسبب في عدم قبول القرار لدى فئة كبيرة من المواطنين.

شهر رمضان المبارك على وشك الانقضاء، وهكذا هي الأيام الجميلة لا تدوم، فيا حبَّذا من وزارة الأوقاف إعادة النظر في هذا القرار لقادم الأيام، وتنظيمه بمعايير واشتراطات من باب لا ضرر ولا ضرار.

---------------------

"خارج النص"

أُعلنت إجازة عيد الفطر، والتى رأى البعض أنها قصيرة نسبيًّا؛ نظرًا لتزامنها مع الإجازة الأسبوعية، ومع وجود قوانين ومراسيم مُنظِّمة للإجازات الرسمية. ومع انتهاء الإجازة يوم الإثنين، وهو ما يتوقع فكليًّا أن يكون ثالث يوم العيد، إن لم يحدث تغيير، فهل أُخذت في الاعتبار هنا العادات والتقاليد والعرف السائد بأن ثالث يوم هو "يوم الشوى"؟! وهو استمرارية للجمع السعيد للمواطنين، وما يمثله هذا اليوم من أهمية وعدم اضطرار المواطنين لأخذ الأيام المتبقية إجازة من رصيدهم حتى يستأنسوا بالتواجد برفقة عائلاتهم وأحبابهم. وكيف بالنسبة لطلبة الجامعات والكليات والمدارس: من أين لهم من إجازة؟ كما أنَّ تمديد إجازة العيد، والتى جاءت تزامنا مع نزول الرواتب، من شأنها أن تُثري السياحة الداخلية وتُنشِّطها؛ نظرًا للأجواء المناخية الجميلة السائدة في معظم محافظات السلطنة.

وكل عام وأنتم بخير.. عيد سعيد مجيد مليء بالفرحة والبهجة للجميع إن شاء الله.