أرجُل راغبة في الرقص (6)

مُزنة المسافر

جيرالدينا تحكي لكليمانتينا.

في الماضي الذي لا نعرفه أنا وأنت.

كان الغجر يمضون نحو الطرقات باحثين عن المجد والظفر. 

مطالبين من يلاقونهم أن يجعلوا لهم سبيلاً في كل شئ.

لكن اليوم يا بنيّتي.

لم نعد كما كنا.

لقد صرنا شيئاً آخر.

الكل يتهمنا بالسرقة.

ويعلقنا وسط أعتى شرنقة.

وإن وجدوا الكلمات النابية.

صدحوها في وجهنا.

وإن صار الطقس عاتياً.

صعباً.

أوصدوا الأبواب أمام أجسادنا الشاعرة بالبرد.

سرحت جيرالدنيا شعر كليمانتينا كما كانت تفعل حين كانت صغيرة.

جيرالدينا: لم تدركي الدنيا أنها كبيرة.

وكنت ترين حياتنا هنا كل شئ.

وغُنانا وضحكاتنا.

أهم شئ.

وأن العائلة السائلة عنك دوماً.

هي الملجأ.

لكنك اليوم كبرت.

ولم تعودي الصغيرة الأميرة.

صرت فتاة جريئة.

وغريبة.

لم أعد أعرفها يا بُنيتي.

عودي إلى عهدك الأول.

رفعت كليمانتينا رأسها قليلاً.

وأخذت المشط من يد عمتها.

وتركت شعرها ينسدل.

كليمانتينا: إنني قادرة على رسم الحقول.

ووضع البذور.

وفهم الأمور.

 

سأجني وأحصد ما أنوي.

وسترين أن ابنة أخيك.

سيحترمها الجميع.

وستحصل على ما تريد.

وأن عروقي الغجرية.

ستكون بالتأكيد وسط طموحي وأفعالي.

ولن أنساكي يا عمتي.

سأظل ألجأ إليك في الأيام الصعبة.

وحين أشعر بالأسى والغربة.

وسأبحث عن حضنك الدافئ.

ولن أنسى تلك الطفولة.

لأنني سأتذكرها بين كهولة.

وسأبحث عنك.

وعن أبي.

وعن روح أمي.

وسط خيالاتي.

ووسط أشعاري.

وسنرقص معاً مجدداً.

كل الرقصات التي علمتنا الحياة إياها.

وأسكنتنا وسط الضباب.

وصرنا أغراب.

بعيدين.

عن ماضينا الجميل.

وعن ذكرياتنا.

التي كنا فيها نشعر.

وننسى الأعشاش التي جمعتنا.

وأنستنا البرد القارس.

وتمنينا أن يمر منا أي فارس.

ليأخذنا وبالأحرى ليأخذني.

فوق حصان فضي.

وسرج كحلي.

ويصهل الخيل صهلته الحلوة.

ويخفي في ذكراه كل كبوة.

 

ونخترق الغابات.

ونمضي للبحيرة.

حيث يسكن البجع الأبيض.

ويطير فوق نفوسنا ورؤوسنا.

وينظر نحونا في غيرة.

لما رآه من جيرة.

في العقل والقلب.

وأنني أنا والفارس.

سنكون معاً في الدروب.

خاطفين الأنفاس والقلوب.

نامت العمة حالما انتهت كليمانتينا من قول كلمات الحكاية الأخيرة.

تركت  كليمانتينا الخيمة.

وراحت نحو بركة قريبة.

ومضت نحو الماء.

وتمنت أن تستحم روحها الغناء.

وأن تبقى متيقظة للخيال والآمال.

وأن كل الأحلام قد تتحقق.

وتبدأ.

من هنا.

من مياه هذه البركة الباردة.

تعليق عبر الفيس بوك