السلام نهاية كل حرب

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

مقولة: "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"، انقلبت اليوم على أرض اليمن السعيد وبجهود الخيرين والشجعان إلى مقولة: "لا صوت يعلو فوق صوت السلام"، فالسلام قاعدة في الحياة والحرب استثناء.

السنوات العجاف التي عاشها اليمن لم تكن استثناءً فقط في تاريخ اليمن الحديث، ولكن كانت دبلوماسية عنف- إن جازت التسمية- يلجأ إليها الناس لتسوية أوضاع أو فرز قناعات وعقائد وبدائل على الأرض، بعد أن غاب الحوار والتفاهم السلمي. ورغم إدراك الجميع بأن الحرب أزمة كُبرى وتأزيم لحلول سلمية كانت مُتاحة، إلّا أنها قد تكون خيارا من الخيارات المُرة للإنسان للوصول إلى سلام أكثر متانة، أي سلام "بمرارة" الحرب ولكنه بنكهة مغايرة.

السلام اليوم في اليمن بمثابة تفويض لليمنيين برسم ملامح حاضرهم، والتقاط المستقبل، وتوظيف المُمكنات لهذا البلد العميق بأن يساهم في صُنع الحياة وكما هو قدره ورسالته عبر تاريخه وبسواعد أبنائه البررة.

السلام في اليمن هو سلام الشجعان بكل المقاييس، كونه سلامًا لا يعني اليمن وحده؛ بل يشمل الإقليم جميعه، فاليمن قلب وأطراف مهمة لجسد كل الجزيرة العربية والعرب جميعهم، لهذا كانت الحرب مؤلمة لكل عربي حر، وكان وقع السلام مُفرحًا لكل عربي حر من المحيط إلى الخليج.

من يقرأ تاريخ اليمن يُدرك أن دورة الحرب ما أن تنتهي، حتى تنطلق دورة الإعمار والتسامح والسمو على الجراح، فاليمني بطبعه كصانع ماهر للحياة، خصم شريف يتقلد كل صفات العربي الأصيل وتتجلى فيه كل صفات الإنسان الفطري الذي لا يحمل الحقد ولا يعرف طريقاً للثأر ولا يقلب دفاتره، لهذا لا خوف من اليمن ولا خوف عليه، فهو في عين الله دومًا وسيبقى.

يمن السلام اليوم هو بلا شك يمن السلام بالأمس، فتلك من سُنن الله في اليمن، هذا اليمن الشامخ العصي على الأزمات ومُلمات الدهر، هذا اليمن الذي ينسج من دماء أبنائه آمالا وحيوات جديدة، ومن أطلال الحروب معمار شامخ يتناغم مع التاريخ ويلج العصر ويتخطاه.

ولمن يبحثون عن سر قوة اليمن وصمام أمانها على الدوام نقول: ستبقى القبيلة في اليمن وقيم أعرافها صمام أمان لليمن واليمنيين والعاصم الأكبر لهم من المزالق، والحاضنة لسلة القيم اليمنية، ووقودها الأخلاقي نحو المستقبل، فكل شيء في اليمن لا نظير له في بقاع أخرى من المعمورة، فاليمن مدرسة كُبرى للإنسانية وقيمها، وللسياسة ومجاهلها، وللحروب وفنونها ولرحاب السلام وحصاد ثماره.

هنيئًا لنا جميعًا ولكل عربي حر ولأحرار العالم قاطبة حلول السلام على اليمن وعودة اليمن إلى رحاب السلام في يمن السلام والمحبة والتسامح والرفعة والسمو.

قبل اللقاء: اليمني بطبعه الحضاري الموغل في التاريخ لا يتساءل عادة عمّن يتحمل مسؤولية الحرب، ولا يُعاقب الأحياء ولا يرثي الأموات ولا يتباكى على الأطلال؛ بل يبحث عمن يصنع السلام ويتعاقد مع الحياة مجددًا بعد نهاية كل حرب.

وبالشكر تدوم النعم..