تنمية المحافظات والثورة الصناعية الرابعة

د. حمد بن سعيد الرحبي

Oman99433@gmail.com

بدأ مصطلح الثورة الصناعية الرابعة في الظهور خلال عام 2011م في ألمانيا، ولكن ظهوره ولمعانه رسمياً كان في المُنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2016م، وعلى أساس هذا المؤتمر تم الإعلان عن افتتاح مركز الثورة الصناعية الرابعة الجديد في سان فرانسسكو والذي سيكون بمثابة منصة للتفاعل والرؤيا والتأثير على التغييرات العلمية والتكنولوجية في العالم.

ونعود إلى مصطلح الثورة الصناعية الرابعة وكما يحلو للبعض أن يسميه " تسونامي التقدم التكنولوجي" الذي يمكن تعريفه باختصار بأنه ربط الحياة بالبيانات الرقمية الذكية والإنترنت والتحول الرقمي الشامل في كافة المجالات الصناعية والزراعية والتجارية والصحية غيرها.

إنَّ هذا الواقع المتسارع أدى أيضًا إلى ظهور ما يعرف بمصطلح المدن الذكية، الأمر يحتم علينا دراسة واقعنا واستشراف المستقبل في كيفية الاستفادة القصوى من تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في تنمية محافظات السلطنة وذلك انسجامًا مع توجه الحكومة إلى الإدارة المحلية ونقل الصلاحيات التشريعية والتنفيذية من المركزية إلى اللامركزية بالمحافظات وإعطاء دور أكبر لكل من المحافظ والوالي والجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص بكل محافظة للعمل بشكل متكامل ومتناغم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وتعتبر الفرصة كبيرة لاستخدام وتوظيف تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في تنمية المحافظات من خلال تسخير تطبيقات التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات وسلاسل الكتل والتحول الرقمي والتجارة الإلكترونية وطائرات الدرون وتقنية النانو وغيرها بشكل أكثر فاعلية وكفاءة لتحقيق الحياة الأكثر ملاءمة للعيش وتوفير الخدمات المتكاملة وتحقيق الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية والحفاظ على البيئة.

ولتحقيق تلك الأهداف تشير الدراسات والبحوث إلى أننا بحاجة إلى توفر عدة عوامل أهمها أولا: بناء شراكات عالمية يمكن من خلالها توطين الصناعات الناتجة عن الثورة الصناعية الرابعة في مختلف محافظات السلطنة، وثانيا: الاهتمام ببناء القدرات والكوادر العمانية المتخصصة والقادرة على التعامل مع تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة كل في مجال تخصصه وثالثا: تهيئة البنية التحتية (الأساسية) من طرق ومطارات ومواني واتصالات ومناطق اقتصادية متكاملة وغيرها والتي والحمد لله تعتبر السلطنة قطعت شوطاً كبيراً فيها ولكن هناك بعض المجالات بحاجة إلى الكثير من العمل والجهد مثل بناء المصانع المتخصصة والاهتمام بالصناعات الذكية مثل صناعات الدرون وطابعات ثلاثية الأبعاد وتقنية النانو والأجهزة الذكية وتوظيف تقنيات الهيدروجين الأخضر وغيرها التي تحقق فعلاً التنويع الاقتصادي في المحافظات.

والحديث عن الثورة الصناعية الرابعة وتطبيقاتها يتسع ويطول ولا تزال البحوث والدراسات تطالعنا كل يوم بمزيد من النتائج وفي هذا المقال أسرد عليك عزيز القارئ بعض من فوائد وإيجابيات الاستفادة الممكنة من الثورة الصناعية الرابعة في المحافظات على النحو التالي:

  • توفير فرص استثمارية جديدة وتخفيض تكاليف الإنتاج وتحقيق معدلات عالية من التنمية الاقتصادية.
  • تعزيز التجارة الإلكترونية والتحول الرقمي الشامل والمتكامل للخدمات المقدمة للمواطن والمقيم بمختلف القطاعات.
  • الانسجام مع توجه السلطنة نحو الاستراتيجيات القائمة على التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على مصدر النفط وفق خطط زمنية منتظمة.
  • تطوير البنية التحتية الأساسية في المحافظات من خلال إدخال وتوظيف أحدث الأساليب والتقنيات الحديثة.
  • توفير المدن الذكية المتكاملة التي تعزز الرفاهية والرعاية الصحية والاجتماعية والرياضية وتوفير البيئة المناسبة للعيش والاهتمام بالبيئة والمسطحات الخضراء وتقليل نسب التلوث.
  • إعطاء فرص واعدة وبشكل أكبر للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تقوم عليها صناعات الثورة الصناعية الرابعة في المحافظات.
  • التحول إلى بناء المصانع الذكية من خلال الربط بين الآلات والبشر في أنظمة الأمن السبراني وأتمته خطوط الإنتاج بما يحقق المرونة والاستجابة بشكل أسرع لاحتياجات السوق.
  • التحول إلى الصناعات الذكية وتوقير الدعم اللوجستي لها في المناطق الاقتصادية بالمحافظات مثل صناعة الأجهزة الذكية، طابعات ثلاثية الأبعاد، صناعات طائرات الدرون، السيارات الكهربائية وغيرها الكثير.
  • الاستفادة في معالجة مشكلات شح الموارد المائية في السلطنة وضعف كفاءة الري واستصلاح الأراضي من خلال استخدام الصناعات الحديثة وجذب الاستثمارات في المجال الزراعي والاهتمام بالبحوث العلمية الزراعية لمعالجة مشكلات التصحر والآفات الزراعية وتحسين إنتاج المحاصيل الزراعية وتسويقها.

عزيزي القارئ توجد العديد من أوجه الاستفادة التي يمكن توظيفها من تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في مختلف محافظات السلطنة ولكن لا بد يتزامن ذلك مع الاهتمام ببناء الإنسان العماني القادر على توظيف تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة وما يمتلك من مهارات المستقبل مثل تحليل البيانات والتفكير الإبداعي والتصميمي وحل المشكلات وغيرها من المهارات والقدرات والسمات.

تعليق عبر الفيس بوك