الجهد المشكور

سعود بن حمد الطائي

لا شك أن انتشال بلد وقوم من وضع اقتصادي مليء بالتحديات، إلى وضع آخر مستقر، يدل على إخلاص وتفاني وجهد كبير بذلته حكومة صاحب الجلالة، في الأعوام الثلاثة الماضية، ولأنَّ النية كانت وما زالت صادقة، فقد أسهمت الظروف في تهيئة الأمر وتسهيل الطريق الوعر، فارتفعت بفضل الله عوائد النفط بعد أن كانت في مستويات دنيا، وحققت مبيعات الغاز كذلك صعودًا مماثلًا، إضافة إلى ضبط الإنفاق العام وترشيد الاستهلاك، فكانت النتيجة- ولله الحمد- نجاحًا باهرًا وتوفيقًا مباركًا، تحسنت بفضله الأحوال وانتعشت بنتائجه الآمال وازدادت التوقعات الإيجابية بمستقبل زاهر، وما ذاك بعزيز على المولى عز وجل، وقد قال عز من قال "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".

ورغم أن الوضع المالي المستقر والإيجابي كما أشارت إليه وكالات التنصيف الائتماني وآخرهم وكالة ستاندارد آند بورز، إلّا أن التحديات الصعبة ما زالت تلوح في الأفق وهي بحاجة إلى جهود أخرى وخارطة طريق واضحة المعالم وحلول إيجابية. وأولى هذه التحديات الصعبة والأكثر تأثيرًا، تلك المتعلقة بفرص العمل لخريجي الجامعات والمعاهد الفنية المتخصصة؛ وهي مشكلة تُعاني منها معظم دول الخليج، والتي ينقصها التنسيق فيما بينها لتنقل العمالة من بلد لآخر. والمشكلة الأخرى تتمثل في المنافسة الحادة من العمالة الرخيصة القادمة من بعض دول آسيا وغيرها، وربما تدعو الحاجة  إلى اقتراح حلول غير تقليدية لكي يتم التغلب على بعض من آثار هذه المشكلة المتراكمة منذ فترة طويلة.

أحد هذه الحلول يتمثل في تنمية المنطقة الواقعة بين ولاية أدم وولاية هيماء، وهي مساحة شاسعة بمسافة تقدر بحوالي 800 كيلومتر، وخالية من السكان إلا من بعض البدو الرحل، فإذا قمنا بتخطيط هذه المساحة الشاسعة ووزعناها قطعًا زراعية مساحة كل قطعة ما بين 5 إلى 10 أفدنة ومن ثم توزيعها على الباحثين عن عمل؛ إذ يُمكن استغلال هذه المساحة عن طريق إنشاء مزارع زراعية وحيوانية بشكل ممنهج ومدروس، مثل توزيع مزرعة على كل باحث عن عمل مساحتها 5 أفدنة والعمل على توفير قروض زراعية في حدود 25 ألف ريال موزعة كما يلي: 5 آلاف لتسوير المزرعة، و5 آلاف لحفر بئر وشراء مضخة المياه، و5 آلاف لنظام الري، و5 آلاف للمصاريف المتكررة من كهرباء ومياه وأسمدة.

والعائد من تطوير هذه المنطقة الشاسعة وتحويلها إلى مشاريع زراعية وحيوانية سوف يؤدي إلى استيعاب أعداد كبيرة من الباحثين عن عمل؛ سواء في مجال الزراعة أو تسويق المنتجات الزراعية وتصنيعها وتربية الأغنام وإنتاج الألبان، وستتوفر للبلاد احتياجاتها من الأمن الغذائي، وربما تتطور مع مرور الزمن إلى أن تصبح سلة عُمان الغذائية التي طورتها السواعد الفتية العمانية.

يبقى أمام هذا المشروع عدة عقبات تتمثل إحداها في توفير المياه اللازمة وتقليل نسبة الملوحة في بعض أراضيها، ويأتي الحل لهذا التحدي بتوجيه مياه الصرف الصحي المُعالَجَة من الولايات القريبة مثل نزوى وبهلا وإزكي وأدم، إلى تلك المواقع عن طريق أنابيب وخزانات يتم من خلالها توزيع المياه اللازمة على المزارع الممنوحة للراغبين من الشباب الباحثين عن عمل. وأيضًا يمكن مدّ أنابيب المياه من مخزون ثمريت المائي، وبذلك نكون قد وضعنا حلًا لمشكلة نقص المياه.