حتى لا نختنق في الشوارع!

علي بن بدر البوسعيدي

في ظل النمو السكاني والعمراني الذي نشهده في جميع ولايات السلطنة الحبيبة، يجب أن يكون هناك تخطيط عمراني يضع في الحسبان عشرات السنوات المقبلة، حتى تتفادى الأجيال القادمة أزمات الازدحام المروري أو بالأصح الشلل المروري الذي تشهده بعض الطرق في مناطق متعددة، الآن.

هذا الشلل المروري يرجع سببه إلى أن التخطيط لم يراعِ التطورات السريعة؛ سواء على مستوى الزيادات السكانية، أو على مستوى الحركة التجارية التي تستقطب الكثير من الأفراد، إما للعيش في هذه المناطق أو للتردد عليها والاستفادة من التنوع التجاري في بعض المناطق.

ولا تقتصر الغاية من جودة التخطيط السكني وجودة وتطوير الطرق على مواكبة النمو السكاني وفقط؛ بل إن هذا الأمر ينعكس بشكل كبير على استقطاب الاستثمارات؛ إذ إن المستثمر يقيّم الوجهة التي يريد الاستثمار فيها من كافة جوانبها، ومن بين هذه الجوانب البنية الأساسية التي ستساعده على التوسع والنمو.

ولذلك فإن الازدحام المروري يعد عاملًا سلبيًا يؤثر على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، لأنه يؤدي في بعض الأحيان إلى حدوث ما يسمى بـ"الهجرة الداخلية"؛ إذ يضطر بعض السكان في المنطقة التي تشهد دائمًا شللًا مروريًا إلى الانتقال إلى منطقة أخرى يكون الوضع فيها أفضل، لكن ربما يحدث ذلك الانتقال إلى منطقة غير مستعدة لكثافة سكانية أعلى، فتتكرر الأزمة والمأساة!

هناك بعض الحلول التي يمكن اللجوء إليها للحد من الازدحام الذي طال الكثير من الطرق، مثل إضافة حارات مرورية جديدة، أو تحويل مسارات بعض الطرق، أو إنشاء جسور بدلًا من الدوّارات التي تكتظ بالمركبات ليلًا ونهارًا، ولنا في الجسور في ولاية العامرات نموذجًا لكيفية تلاشي الاختناقات المرورية. أيضًا يمكن نقل المجمعات الصناعية والتجارية إلى أماكن أخرى لا ترتبط مساراتها بمسارات الطرق المؤدية للمناطق السكنية.

الحقيقة أتفاجأ كثيرًا عندما أكون متجهًا إلى الباطنة، وقت ما بعد الظهيرة، أي بعد خروج الموظفين من دوامهم الحكومي، لا سيما يوم الخميس، أو الأيام التي تسبق الإجازات الرسمية؛ حيث يعج طريق الباطنة العام بآلاف السيارات، وربما المسافة التي تقطعها في ساعة حتى تصل- مثلًا- إلى ولاية بركاء، تستغرق بالسيارة ما يصل إلى ساعتين! ورغم أهمية وحيوية هذا الطريق، إلا أنه في كثير منه لا يتسع سوى لحارتين فقط! أيضًا هناك مناطق مثل المعبيلة أو الخوض أو الحيل وحتى في قلب المدينة مثل الغبرة أو الخوير، تعاني من شلل مروري في أوقات عدة من اليوم، خاصة وقت ذهاب وعودة الطلاب إلى المدارس، فإلى متى سيظل المواطن يعاني من هكذا ازدحامات مرورية.

المؤسف في هذه القضية أن الازدحام المروري يكبد مستخدم الطريق الكثير من الخسائر، سواء في الوقود الذي يستهلكه، أو الإجهاد البدني والنفسي الذي يتعرض له، فضلًا عن الخسائر الاقتصادية بسبب تأخر الموظف عن موعد دوامه الرسمي، أو تعطل البضائع على الطريق، وغيرها من الخسائر.

إنَّ هذه المشكلة إذا لم نضعها في الحسبان، ونعيد تخطيط بعض المناطق السكنية وبعض الطرق الرئيسية، سنجد أنفسنا نعيش محاصرين باختناق مروري من كل اتجاه، لا سيما وأن وطننا الحبيب يشهد نموًا سكانيًا متزايدًا وقد وصل عدد السكان لأكثر من 5 ملايين نسمة.