علي بن بدر البوسعيدي
تزخر بلادنا ببيئات مختلفة، منها البيئة الحضرية والبيئة الريفية والبيئة البدوية، تدعم بعضها البعض في تكامل حيوي مهم، يعزز التنوع البيئي في مجتمعاتنا، لكن في المقابل وفي ظل تطبيق بعض القوانين، لا يستطيع المواطن الاستفادة من الطبيعة التي تزخر بها عُمان، وأضربُ مثالًا هنا بأهل البادية الذين يعتمدون في معيشتهم على الإبل والتنقل بها من موقع لآخر حسب المواسم.
فعادة ما يلجأ البدو لإقامة العزب التي تسمح لهم بالإقامة المؤقتة في مواقع يتوافر فيها الكلأ والعشب، أو لإقامة فعاليات سباقات الهجن وغيرها من الرياضات التقليدية المرتبطة بالهجن والإبل عامة، رغم أنهم يعتمدون على مثل هذه السباقات والإقامة المؤقتة في جني مكاسب تعود عليهم بالنفع، خاصة وأن مثل هذه التقاليد توارثوها أبًا عن جدٍ. ففي كل مرة يقيم فيها الكثير من أهل البدو هذه العزب، يُفاجأون بقيام الجهات المختصة في البلديات بإزالتها، الأمر الذي يكبدهم خسائر كبيرة، ويفوّت عليهم الكثير من المنافع التي يحققونها. في المقابل تقول البلديات إن هؤلاء الأشخاص يبنون العزب من مواد غير ثابتة، أو أن هذه الأرض ملك للدولة ولا يجوز لكائن من كان أن يمارس عليها أنشطة!!
إذن الحل يسير، وهو أن تتولى البلديات تنظيم هذه المسألة من خلال إتاحة المجال أمام مربي الإبل الراغبين في وضع عزب مؤقتة، وذلك من خلال التقدم بطلب ودفع رسوم رمزية مثلاً مقابل هذه الخدمة، على أن يُشترط على مربي الإبل أن يزيلوا العزب في وقت محدد حسب الطلب المقدم، وأن يكونوا مسؤولين عن إزالة أي مخلفات قد تضر بالبيئة.
لا شك أن الجهات المعنية تسعى لتطبيق القوانين النافذة، لكن في الوقت نفسه عليها أن تبحث عن حلول لمختلف الظروف التي قد تواجهها أثناء تنفيذ القانون، فلنا أن نعلم أن أصحاب الإبل لا يقومون ببناء هذه العزب المؤقتة إلّا في مواسم بعينها معروفة للجميع، والنوق العُمانية خلال فترة بقائها في هذه العزب يتم تدريبها وتغذيتها للمشاركة في المنافسات المحلية والإقليمية والدولية، والحمدلله أننا نرى هذه النوق تحصد الجوائز في مختلف المحافل.
إنَّنا نأمل من الجهات المعنية، سواء كانت البلديات أو وزارة الإسكان، أن تعمل على إصدار تصاريح مؤقتة لهؤلاء الأشخاص من مربي الإبل، فبلادنا كبيرة وشاسعة ومليئة بالخيرات، ولن يضير أحد أن يُقيم ملاك الهجن هذه العزب لفترات مؤقتة، حفاظًا على هذا الموروث الشعبي الأصيل.