دموع على الطرق

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

 

نشهد في هذا الزمان طفرة مُتقدمة في مجال وسائل النقل الحديث بأنواعها، ولعلّ المركبات الخفيفة هي الأكثر استخدامًا لأغراض التنقل، وسياقة المركبات تتطلب التزام السائق بأخلاق الطريق حتى لا يتسبب بمكروهٍ لنفسهِ ولمن برفقته وُيخلّف بذلك دموع الحزن على الطرقات.

المركبات في حد ذاتها مهما تعددت أنواعها وفئتها تقوم بوظيفة واحدة؛ حيث إنها تُعد وسيلة نقل لا أكثر، ولرياضة الراليات والاستعراض "الانجراف" حلباتها المصممة خصيصًا لتوفر الحدود المأمونة لاشتراطات السلامة لمحبي هذه الرياضة سواء من متسابقين أو جمهور، وأخلاقيًا ليس مقبولًا ممارسة مثل هذه الرياضات على الطرقات العامة، حيث إن تفريغ الطاقات لا يكون بتشويه مسارات الطريق، ومن جانب آخر فإن سلوك كهذا يتسبب بترويع الآمنين وتعريض حياتهم للخطر وهذا ليس جائزا شرعًا، ونهى نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ حيث قال "من أشار إلى أخيه بحديدةٍ فإنَّ الملائكة تلعنه حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه" رواه مسلم.

وهناك أمثلة عديدة لترويع الناس على الطرقات، نذكر منها السياقة برعونة وسرعة عالية والتجاوز غير الآمن يتسبب في ترويع سائق المركبة الذي تم تجاوزه، وفي حالة الطريق غير المزدوج يتسبب في ترويع سائق السيارة القادمة من الاتجاه المُعاكس وكذلك فإنَّ الدخول المفاجئ في مسار السيارة التي تم تجاوزها دون ترك مسافة أمان، ومثل هذا السلوك وحده قد يتسبب في ردة فعلٍ ليست آمنة من جانب سائقين ليس لهم ذنب سوى مرورهم بذلك الطريق ليس لشيء، إنما لتجنب شر قد يلحق بهم.

ولنعلم جميعًا أنَّ السرعات العالية ومخالفة أنظمة المرور لن توصلنا في كل الأحوال مبكرًا إلى حيث مقصدنا، لذلك علينا كسائقين ألا نستجيب لمشاعرنا ونحن خلف عجلة القيادة، لأنَّ مشاعر كالغضب والحزن الشديد والتعب والإعياء قد تتسبب بالضرر للسائق وبقية مستخدمي الطريق، لذلك على السائقين تجنب القيام بأية رحلات وهم يمرون بمثل هذه الظروف أو عند تناول أدويةٍ تسبب النعاس، هذا طبعًا لدواعي السلامة، وعلى السائق أن يضع نصب عينيه أنه إنسان محبوب لدى أهله ومجتمعه، وليعلم كذلك أن تعرضهُ لضررٍ ولو بسيط يؤذي محبيه فكيف بحادث سير قد تكون عواقبه وخيمة، وليعلم كل سائق أن دموع الأهل غالية ففقدان المحبوب ألمهُ شديد وهو جرح دامٍ أليم، كذلك على كل شاب أن يفكر بأهلهِ الذين ضحّوا وصبروا وحرموا أنفسهم لأجلك أنت لا سواك لكي تخرج للدنيا وللمجتمع وتحقق ما لم يحققهُ الأهل من نجاحٍ في الدراسةِ والعمل لتكون مصدر فخرٍ لعائلة قدّمت كل ما لديها لتربية جيل صالح يُساهم في بناء الوطن، فرجاءً كل الرجاء فكر بمن أحبك وقدّمك على نفسه فكّر بتلك الأم التي حملتك 9 أشهر وسهرت الليالي لكي ترتاح أنت، فكر بذلك الأب الذي عمل وضحى لأجل أن يوفر لك العيش الكريم.

واعلم أيها السائق الكريم سواء كنت رجلًا أو امراة، أن تضاريس بلادنا وطبيعة الطرق ونوعية المنشآت التي تقع عليها سواء التي تعبر الأحياء السكنية أو طرق الربط الحضرية، جميعها عوامل تساهم في التزام إدارات هندسة الطرق بالأخذ بها كمعايير عند تحديد حدود السرعات على الطرقات، وأعلم كذلك أن تحديد السرعة القصوى لم يأتي إلا لضمان سلامة مستخدمي هذه الطرق في المقام الأول، ولاعتباراتٍ هندسية ثانيًا، لذلك تجاوز السرعات المحددة قد يتسبب في مخاطر لا يُحمد عقباها، وعلينا جميعًا الالتزام.

قد يتكفل النسيان بالتئام جروح الزمان وعندها ستجف تلك الدموع وسيبقى من رحل على الطرقات مجرد رقمٍ ضمن جداول الإحصاءات، لذلك فلنعش حياتنا بسعادة وليكن شعارنا "الالتزام على الطرق" حفًاظا على سلامتنا وسلامة الآخرين.