خبايا التطبيع ومخاطره

 

راشد بن حميد الراشدي

 

عبر قرون مضت واليهود يحاولون لمَّ شتاتهم، وعبر قرون مضت واليهود أخبث خلق الله في معاشرتهم، والتَّعامل معهم، تلك هي الفئة الظالمة في الأرض، جبروتهم وسر قوتهم هو خبثهم ومالهم الذي يريدون أن يتسيدوا به العالم ويشتروا به جميع الذمم.

في كل سنواتهم الماضية وعبر جميع العصور كانت تنهال عليهم صفعات الخزي فهم قتلة الأنبياء وقتلة خلق الله في أرضه، لا يرضيهم شيء سوى عبودية البشر لهم وسفك الدماء وينعتون أنفسهم بأنهم "شعب الله المختار"، ومهما فعلوا ومهما حكموا بما أتاهم الله من نعمه، ستكون نهايتهم مريعة ساحقة لهم ولأجيالهم القادمة.

ما يحدث اليوم من تعاون ومد يد العون إلى تلك الفئة الظالمة تحت مسميات كثيرة أنشأتها كياناتهم في مختلف دول العالم من أجل حكم العالم، من خلال تلك المؤسسات التي ظاهرها الخير، والحكم بقوانين عادلة ظاهرها لكن باطنها سيئ النية، وهي مؤسسات تنشر الخراب والويل على البشرية جمعاء، فلم يحصد العالم من ورائها سوى الدمار، وعلى تلك الدول المساندة لطغاة الأرض أن تستعد لتلك النتائج المُخيفة.

التيه في الأرض ذُكر في محكم التنزيل على هذه الشرذمة من البشر الذين لا يرقبون في مسلم إلًّا ولا ذمّة، وهم من يخونون العهود على مدى الأزمان وفي كل المعاهدات والمواثيق؛ سواءً اليوم أو في مختلف  القرون السابقة، حتى في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سمات خيانتهم ظاهرة جلية.

جاءوا إلى المنطقة بقوة السلاح والمال وبالدعم الكبير من أمثالهم من الدول القوية وعاثوا في الأرض فسادًا وتقتيلا عبر سنوات اغتصابهم للأرض المقدسة، بينما لم يستطع السلاح تحقيق حلمهم، بفضل المقاومة الشجاعة الباسلة من جنود الله في أرضه، فلجئوا إلى المال والاقتصاد والصناعة والسياسة والهيمنة على مواقع العلوم والبحث العلمي والتقني؛ لكي يتحكموا في مصائر الشعوب، وخاصة شعوبنا العربية والإسلامية.

جاءوا واختلقوا الفتن وأشاعوا الحروب والشتات في أمة الإسلام حتى أصبحت الأمة مُمزقة سهلة الافتراس منهم في أي وقت، وها هُم يتمكنون يومًا بعد آخر بقوة الهيمنة بالمال والاقتصاد والعلم من تحقيق مآربهم القذرة ومصالحهم ونهب ثروات العالم، فلقد ازدرتهم شعوب الأرض، وأقرب مثال هتلر وغيره من قادة دول العالم؛ لما لحقه من شرورهم وهناك الكثير من أمثلة خبثهم في معظم الدول التي يعيشون فيها.

اليوم نشد عضد الجميع ونناشد الجميع الحذر ثم الحذر ثم الحذر من مخططات هذه الشرذمة الباغية، فنافخ الكير لن يحرق إلا ثيابك، وهؤلاء أشد من نافخ الكير شررًا وحسدًا وظلمًا للنَّاس أجمعين، ولنا نحن خاصة أمة محمد صلى الله عليه وسلم- كفانا الله شرورهم- حيث لا يجب التعامل معهم إلا بالمثل، فلم يحدث على مدى التاريخ أن ينقذك عدوك من أزماتك وهمومك؛ بل سيزيدك دمارًا وتفكيكًا لوطنك.

اليوم ظهر الحق وزهق الباطل فأولى بالحق أن يتبع.

قال تعالى: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا).

حفظ الله أوطاننا من كيد كل عدو غاشم وجعل كيدهم في نحورهم ووقانا الله شرورهم والبسنا ثوب الحق والنور.

ويقول تعالى: (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ)، فعسانا ممن يقتدي بنهج رب العالمين ونهج رسوله الكريم.

ويقول العزيز القدير: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، فألا بُعدًا بإذن الله للقوم الظالمين بقدرة رب العالمين.