سارة البريكية
مرت الأيام شبيهة ببعضها لا أمل ولا أمانَ ولا انتظار مُحقق يلوح في الأفق، وتمر من القلب حكايات من الأحلام وتراتيل حب وصلوات تهجد وأصوات ثكلى بالمناجاة وأخرى قد ملت الانتظار.
الأيام لا تشبه المنى فقد غابت أمنياتنا الجميلة تحت أنقاض زلزال مر من هنا فتحطمت المنازل وتفرقت الأسر ومات من مات واللقاء عند رب العالمين.
وأصحو من النوم لأجد أنني بخير وأنني بصحة جيدة وأحمد الله كثيراً على ما أنعم به علي بعد محاولات كثيرة للنوم والهرب من الآلام المحيطة بجسدي وعقلي وقلبي.
أصوات في مخيلتي وحكايات ولت وانقضت وأخرى أعيشها الآن ولا أعلم هل سيحين لها البزوغ من رحم الأماني أم لا؟! كنت أحسب وأحسب وأتخيل أنني بعد دراستي الجامعية سوف أتوظف لكن الأمر لم يحن للآن والخيرة في ما اختاره الله.
أحلامي الكثيرة وطموحي الكبير يقودني إلى التمني الكبير وهل يجب أن تكون ماشيا عكس التيار لتتحقق أمانيك!
في إحدى المرات رأيت "الواسطة" تعمل أمام عيني في إحدى الوظائف الحكومية حيث إن فلانا موظف وسيوظف من يريد من أهله ومحبيه وذويه، ولن يكترث بانتظارك سنوات طويلة لوظيفة أحلامك.
ما المطلوب منا؟ سنموت غدًا! وسنشيب قريبًا ولم نستثمر فترة الشباب بالعمل الجاد، ولم نحقق الطموحات ولسنا بأقل من أحد ولا أكثر من أحد، لكننا لا نزال نعطي على ساحات الثقافة والأدب والشعر فهل من مجيب؟!
يخيل لي أنني في نفق وأنني كلما صرخت رد صوتي إلى مسامعي ولم يسمعني أحد، لماذا هناك الآلاف من الخريجين عاطلون؟ ولماذا لا تصرف لهم منحة شهرية؟ ولماذا يبقون عالة على أنفسهم وعلى الآخرين؟ لماذا لا تتم دراسة هذا الوضع المتزايد؟ ولماذا لا نجد الحلول؟ لماذا المهندس والمعلم والإدراي ينتظر سنين طويلة للوظيفة التي ربما لن تأتي ولن تتحقق الأحلام؟
كم ظل صوتي يتردد في النفق وكم بقيت أعيد الصراخ واستمع لصدى صوتي وهو عائد اليّ وكم وكم وكم؟!
هذه الحياة قصيرة فمن حق كل واحد منَّا التمتع بحقوقه وأحلامه ومطالبه ومساعيه وأيامه التي تمضي على عجل.
إذن يجب علينا النظر والتمعن والدراسة الجادة لهذا الوضع، ولست وحدي من يعيش هكذا حال، فهناك الكثيرون مثلي لم تشأ لهم الأقدار بالتمتع بحقوقهم بالتوظيف على أرض البلاد العزيزة.
ربما طال الحديث كثيرًا وطال فتح الجرح، ورأيت الدمع كيف يسيل من الجرح العميق ولم أجد ما أخفف به عنه سوى تلك الأماني التي مفادها يقول: "سننتظر.. فقد تطلع الشمس ذات حين وننفض غبار الوقت الطويل وتنحني الظروف الصعبة ونواجه الأيام الجميلة بكل تفاصيلها الجميلة وبكل ذلك الشغف والحماس والمتعة التي طال ترقبها". لن تكون عالة بعد اليوم ولن تحتاج إلا لنفسك لمواصلة المسير وقصة النجاح وأحلام الطفولة وتلك الابتسامة الحزينة ستنطلق لتصبح ضحكة جميلة تسمع صوتها في النفق فتعود ويصفق لك الجميع على العطاء والبناء والنصر.