شراء غير العُمانيين للعقارات

 

سعود بن حمد الطائي

لم يعد شراء عقار في كثير من دول العالم أمرًا صعبًا، فقد بادرت الكثير من الدول بتعديل تشريعاتها القانونية وأنظمتها الإدارية لتسهيل إمكانية الشراء؛ إذ تعلم أنَّ الهدف النهائي ليس عملية الشراء في حد ذاتها، وإنما ما يعقبها من بقاء وإنفاق مبالغ كبيرة على الأثاث والسيارات والزيارات السياحية والتسوق ودفع فاتورة الخدمات، وأن كل هذه الأموال سوف تصب جميعها في قنوات الاقتصاد المختلفة، ناهيك عمّا تشكله هذه الاستثمارات من إضافات كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي تصل أحيانًا إلى مستويات تزيد على 10% مقارنة بإسهامات القطاعات الأخرى.

والدول تحتاج من حين لآخر إلى مبادرات إيجابية تدفع بعجلة الاقتصاد نحو مجالات واسعة تُحدث آثارًا ينتفع بها النَّاس ويزدهر بها الاقتصاد؛ فالجمود الاقتصادي، بمثابة القاتل الصامت لتطور الشعوب والدول، والجمود أن تبقى متفرجًا والعالم يتغير من حولك، وفي ذلك ولا شك خسارة كبيرة للاقتصاد وضياع لكثير من الفرص الاقتصادية.

وتجربة السماح لغير العُمانيين بشراء العقارات في مناطق محدودة ومكتملة الخدمات، حققت نجاحًا ولاقت إقبالًا واسعًا، لكنها تجربة يصعب تكرارها لأسباب كثيرة؛ فالمساحات الكبيرة من الأراضي لم تعد متوفرة، ثم إنها كانت وما زالت أراضٍ حكومية، مثل مشروع الموج، ومشروع السيفة، وغيرها، وبالتالي فإنَّ المواطنين من أصحاب العقارات لم يستفيدوا من هذه المبادرات وظلت عقاراتهم خالية تندب حظها، وخاصة بعد أزمة كورونا والتي غادر على إثرها الآلاف من غير العُمانيين العاملين في مختلف القطاعات.

من هنا.. فإنَّ تعديل هذه المبادرة من شأنه أن يحقق نتائج إيجابية، وأن يُسهم في تنشيط سوق العقار الراكد، منذ كارثة كورونا. وكما نعلم فإنَّ المواطنين توفر لهم الدولة مشكورة، الأراضي السكنية، وتقدم لهم قروضًا ميسرة لبناء منازل لهم ولذويهم، وإن تأخرت هذه الإجراءات إلا أنها سوف تتحقق عاجلًا أم أجلًا، ولذلك فهم لا يستطيعون تحريك سوق العقارات في السلطنة لمحدودية إمكانياتهم من جهة، وإحجام البنوك عن تمويل الكثير من المشاريع العمرانية بحجة ضعف أسواق العقار وتدني عوائدها الاستثمارية، ولذلك فإذا تعذر لأي سبب إزالة القيود على شراء غير العُمانيين للعقارات، فإننا نقترح تعديل المبادرة لتكون كما يلي:

أولًا : أن يتم تخفيض المساحات الإجمالية من 200 ألف متر إلى مساحات أقل، يستطيع من خلالها المواطنون المالكون لبعض العقارات الحصول على نسبة من تلك المشاريع.

ثانيًا: تُستبدل المساحات المُخصصة لملاعب الجولف إلى مؤسسات أكثر إنتاجية، مثل إنشاء مدرسة أو حضانة أو مجمع عيادات أو ملاعب أطفال وغير ذلك من المشاريع التي تعود بالنفع على البلاد.

ثالثًا: أن يُعدّل شرط إنشاء غرف فندقية مساوية لعدد الوحدات المبنية ليصبح اختياريًا وليس إلزاميا.

رابعًا : تعديل شراء غير العُمانيين في المناطق الأخرى وإضافة تسهيلات الحصول على الإقامة ولو لفترات أقل تتجدد تلقائيًا لمدة مماثلة.

خامسًا: إضافة ولايات أخرى مثل بركاء، وصحار، ونزوى ليصبح مسموحًا لغير العُمانيين شراء العقارات في هذه الولايات، كي تنمو أسواق العقارات في هذه الولايات وألا يتم حصرها في مسقط وصلالة.

سادسًا: ربط هذه المبادرات بمشاريع الإسكان والتعمير لتصبح منسجمة مع توجهات وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، وليس مسارًا منفصلًا عن السياسات العامة للمشاريع الإسكانية.

إن كل اجتهاد يسهم في تحقيق المصلحة العامة، لا شك أنه محل احترام وتقدير، لكن تعديل مثل هذه القرارات وإعادة صياغتها بما يتواءم مع المتطلبات الآنية والمتغيرة، بات أمرًا ضروريًا للمضي قدمًا في تطوير اقتصادنا الوطني وتحقيق أهدافنا وغاياتنا.