لمسات مُكمِّلة لـ"ليالي مسقط"

 

ناجي بن جمعة البلوشي

في العادة الناس في نفوسهم شيئان متضادان دائما كالخير والشر والنقد والانتقاد والإيجابية والسلبية، وهذا ما أوجده الله سبحان وتعالى في كل إنسان، حتى يتمكن من إدارة ذاته والمضي بها إلى ما هو أفضل له، فإذا كان ناقدًا فلن يكون ناقدًا أبدًا ما لم يغير ما بداخله من توجه، وكما هو كذلك فإنه في الخير والشر يسير بنفس التوجه فلا خير تجده فيمن الشر طريقه وأسلوبه.

وعلى نحو هذا التعريف يمكن لكل إنسان أن يعرف نفسه بنفسه فالجميل يرى الوجود جميلا والكريم يرى الجميع كرماء وهكذا مع الضد الآخر فلا يجد الجمال حتى وإن كان غارقا فيه. أما فيما نحن نكتب حوله في هذا المقال فلا يسعنا إلا أن نشكر كل قائم على الفكرة بعمومها بداية من استبدال الاسم من مهرجان مسقط إلى ليالي مسقط، حتى تكون لها وقع جديد على أذن السامع ولتكون له ذكرى جديدة في مرحلة عمرية جديدة من حياتنا وليدرج لنا معنى أفخم للاحتفال والمرح أرقى من المعنى الذي ارتبط في عقله منذ زمن بكلمة لا عربية كانت ولا ترتبط بالعربية قط.

وليكن لدينا جميعاً لمسات لـ"ليالي مسقط"؛ كي يصل الصوت إلى المنظمين والمسؤولين؛ فعمان تستحق منا التكاتف والتلاحم والتعاون، أما هنا وما معنا من لمسات فإن محافظة مسقط تضم ست ولايات وكان على المنظمين أن يضعوا في كل ولاية معلمًا من معالم الليالي ونموذجًا مختلفًا عن الآخر، اختلافًا يدفع الزائر لاكتشافه وزيارته والتوجه إليه.

فمثلا في ولاية مسقط شهد يوم افتتاح الليالي، إقامة حفل كبير للمطرب عمرو دياب، في أحد المنتجعات السياحية الشهيرة، فلماذا لم يكن هناك تنسيق بين المنظمين والمنتجع المستضيف للفنان؛ لتكون بعدها كل الحفلات الغنائية هناك في ذلك المنتجع والموقع طيلة فترة ليالي مسقط. أما في ولاية قريات كان يمكن أن نضع ثقافات الدول بمعالمها وملابسها وفنونها وتراثها ولهجاتها ولغاتها ومأكولاتها، في موقع خاص ضمن الفعاليات. وفي ولاية العامرات فهناك من الأفكار التي تجعلنا نضع المدينة الآسيوية عنوانًا لها، وما بها من أسواق كأسواق البهارات والملابس والسجاد مع شمولية المطاعم وصناعة الشاي وغيرها.

وإذا أردنا أن نذهب إلى مركز عمان للمؤتمرات والمعارض مع اصطحاب الأسرة، فكانت مواقف السيارات متوفرة والنظام بالدخول والخروج وسط انسيايبة في التنظيم، والفعاليات كانت على قدر معين من التنوع في مساحة مناسبة والجديد من ثقافة الكرنفال المسرحي كان حاضرا ولو أضفنا عليه خيمة للسيرك كان أكثر شغفاً مع لافتات للمسار الموصل للفعالية، العمل بنظام التذكرة الشاملة لكل فعاليات الموقع عدا المأكولات والمشروبات كان له أثر طيب ومناسب للأسر والعوائل ولو وضع على التذكرة ما هي الفعاليات لكان أفضل، ومن اللمسات التي نودها كوننا نتحدث هنا بالخصوص عن من يزور عمان من الخارج. كما إن التنقل من وإلى الموقع يعد صعبا على كل من هو قادم من خارج السلطنة أو ربما من هو متواجد في أرض السلطنة ولا يملك سيارة خاصة أو مستأجرة؛ فوسائل النقل ليس بها نظام معني بالتنقل وكان يجب على المنظمين التعاون مع "مواصلات" الشركة الحكومية ومع سائقي سيارات الأجرة بوجودهم في نقطة أو مكان ما يساعد كل من أراد الذهاب في أي وقت والرجوع في أي وقت دون دفع الكثير من الأموال.

هذا النقد أضعه لكل مواقع "ليالي مسقط "حتى يزداد أعداد الزوار فليس من المعقول أن يدخل الزائر إلى الموقع بمبلغ 200 بيسة في النسيم مثلا بينما يدفع 15 ريالًا لسيارة الأجرة ذهاب وإيابا، كما أن ربط الانتقال من وإلى نقاط الاحتفال و المراكز التجارية (المولات) قد يكون مناسبا؛ فهي معالم يمكن الوصول إليها من قبل الجمهور بالعادة.

وإذا كان اهتماما بنجاح ما بدأناه فليكن شعارنا التحديث دائما فنحن في حاجة إلى التحديث دوما وفي كل عام وكل موقع وموسم تحديث خاص به فما في الخريف يختلف عما في ليالي مسقط واحتفالات صحار أو غيرها من المحافظات، فإذا أردنا النجاح نوعنا المنتجات والفعاليات وسهلنا الخدمات وربطناها مع بعضها البعض، فمثل هذه المناسبات نجاحها مرتبط بالجميع ففي المواقع كلها مثلا لا يوجد أي مطعم له علامة تجارية عالمية، مع علمنا بأن الزوار من جنسيات مختلفة، وكان يجب علينا أن نضع لهم الخيارات والاختيارات.

معالم الدين الإسلامي يستوجب منَّا الاهتمام بها ففي كل احتفال كان بالإمكان وضع ما هو مشابه للمسجد مع وجود التقنية الحديثة التي يمكن للزائر أن يتجول فيها داخل المسجد بداية من دخوله المسجد ثم الوضوء ثم إقامة الصلاة وصلاة الجماعة والسنن الراتبة بعدها والتصافح وغيرها من الاهتمامات الدينية الاجتماعية.

المطابخ العمانية غنية بأنواع كثيرة من المأكولات فليس لنا أن نمكث على ذات المأكولات التي وجدناها سابقا وكان بإمكاننا وضعها في إطارها المقنن فالعرسية أكلة من مناطق الشرقية كما إن البابلوة أكلة من ولاية مطرح وهكذا يمكن أن نضع لكل ولاية مطبخها الخاص ولكل ولاية أكلتها الخاصة ثم تبدأ بعدها هيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في تبني أولئك القائمين عليها كي تساعدهم على افتتاح مطاعمهم ثم تنتشر تلك المطاعم على ربوع عُمان ويكون لها فروع في العالم .

إن الاهتمام بأهداف الاحتفالات في حد ذاته مهمة صعبة ويجب أن تكون ذات أبعاد كثيرة ومتنوعة تشمل العديد من القطاعات والمؤسسات لإنجاحها وإيصالها إلى مستوى الأهداف والنتائج ومنها الاجتماعية والاقتصادية والسياحية والاستثمارية وتنمية المحافظات وإيجاد فرص عمل للعمانيين وغيرها، لذا يستوجب منا الشراكة من أجل إنجاحها.