استخدام الطرق العصرية الحل الأنسب لغرس القيم

"السوشيال ميديا" وسيلة تقويض للأخلاقيات وطوق نجاة.. مختصون يضعون رؤية لمخاطبة وتوجيه الشباب

السعدي: توجيه الشباب مسؤولية كل أفراد المجتمع ويجب فهم رغباتهم

المكتومية: منصات التواصل الاجتماعي الوسيلة الأنسب للإرشاد

الكعبي: من الضروري معرفة الطريقة المناسبة لتحقيق الأهداف الأخلاقية

الرؤية- فيصل السعدي

أثّرت الثورة الرقمية التي يشهدها العالم على أفكار وسلوكيات الكثير من الأشخاص وخصوصا الشباب والنشء، في ظل قضاء أوقات كبيرة في تصفح منصات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي جعل كثيرا من المختصين يطالبون بدراسة أفضل الوسائل التي يمكن من خلالها الوصول لهذه الفئات لمخاطبتهم وتوجيههم بشكل سليم.

وكشف التقرير السابع للإنترنت في العالم العربي الذي نشرته المنظمة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في السلطنة يبلغ 3.9 مليون شخص تقريبا، من بينهم نحو 1.6 مليون شخص يستخدمون فيسبوك ونحو 200 ألف مستخدم يستخدمون تويتر.

ويؤكد سالم بن ناصر السعدي، مشرف سابق في مدارس القرآن الكريم بمركز السلطان قابوس للثقافة، أنه في ظل انتشار منصات التواصل الاجتماعي يجب على الجميع القيام بدور فاعل لحماية الشباب والأطفال من المحتويات غير الأخلاقية على الإنترنت وفتح قنوات للحوار معهم، موضحا أن عوامل نجاح مخاطبة النشء والشباب لتعزيز القيم الأخلاقية السليمة لديهم، تمكن في فهم رغباتهم وميولهم الفكري والنفسي بشكل صحيح.

سالم بن ناصر السعدي.jfif
 

ويلفت إلى أن وسائل هذه المخاطبة تختلف بحسب المكان والأشخاص، لأن الوسائل المستخدمة تعتمد على المناهج التربوية ودور المعلم في ترسيخ الأفكار الصحيحة دينيا وأخلاقيا وفكريا، في حين أن الوسائل المستخدمة من قبل الأسرة ترتكز على غرس القيم والأخلاق والعادات والاعتزاز بالإرث الأخلاقي والديني والحضاري للأمة الإسلامية، أما الدعاة والوعاظ فيستخدمون الأسلوب الخطابي والقصصي والفكري والقيمي.

ويشدد على ضرورة تحمل الأسرة والمدرسة وكل أفراد المجتمع مسؤولية تربية النشء والشباب بشكل سليم وتعزيز الجوانب الدينية والأخلاقية لديهم، مضيفا: "الوسيلة المثلى لتوجيه الشباب إلى المسار الصحيح هي تكاتف الأسرة والمدرسة والمجتمع لتحصين هذه الفئة من تأثير منصات التواصل الاجتماعي التي أصبحت منبرا لكل أصناف البشر من دعاة الخير والشر، وربطهم بتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية وغرس قيمة التفكر وفهم القرآن الكريم فهما دقيقا، وترسيخ القيم التربوية في أذهان الأطفال".

ويضيف السعدي أن تحقيق الرقابة الأخلاقية الذاتية أمر مهم في ظل التطورات التي يشهدها العالم، بالإضافة إلى الدور الفعَّال للجهات التعليمية والتربوية في المجتمع لتوعية الآباء والأبناء بخطورة وسائل التواصل الاجتماعي وخطورة أصحاب السوء، مع تسليط الضوء على الانتكاسات الأخلاقية للمجتمعات وما أدت له من مصائب على مستوى الفرد والمجتمع، ناصحاً الآباء بضرورة مراقبة الأبناء وعدم السماح باستنزاف أوقاتهم على منصات التواصل الاجتماعي، نظرا لوجود محتويات غير أخلاقية تهدف إلى تشويه وتشويش أخلاق الأبناء.

ويطالب سالم بن ناصر السعدي بتكثيف جهود المؤسسات التعليمية ودور العبادة لتعليم النشء والشباب الأفكار السليمة، نظرا للدور الكبير الذي تقوم به دور العبادة في زرع الرقابة الأخلاقية الذاتية بنفوس الشباب والأطفال، بالإضافة إلى المؤسسات التعليمية وما تمثله من حواضن معرفية تغذي تفكير ووجدان هذه الفئات المهمة في المجتمع.

وتقول نادية راشد سيف المكتومية، أخصائية استشارات أسرية وتربوية، إن القنوات الفضائية تمتلئ بالمحتوى الإيجابي والسلبي، الأمر الذي زاد من مسؤولية المحاضن التربوية لتوعية الشباب بأهمية انتقاء المحتوى الهادف والابتعاد عن المنصات التي تهدف إلى هدم القيم والأخلاق ونشر الثقافة المغلوطة التي لا تتناسب مع قيم المجتمع وثقافته الإسلامية والعربية، مؤكدة أن منصات التواصل الاجتماعي هي الوسيلة الأنسب والأقرب لمخاطبة الشباب، باعتبارها الأكثر رواجا فيما بينهم، ولذلك يمكن استخدامها لنشر المحتوى المفيد الذي يزرع القيم والأخلاق والثوابت الصحيحة في أفكار هذه الفئة.

نادية راشد سيف المكتومية.jfif
 

وتشير إلى أن منصات التواصل هي الأداة الأكثر فاعلية وسرعة في الوصول إلى الشباب على الرغم من خطورتها في الكثير من الحالات، موضحة أنها سلاح ذو حدين يتطلب من المربين استغلالها كوسيلة مثمرة وممنهجة بشكل هادف وإيجابي.

وتضيف المكتومية: "تكاتف المحاضن التربوية من أسرة ومدرسة وتعليم عالٍ وإعلام ومسجد والجهات المجتمعية العامة والخاصة، سيكون له دور كبير في تصحيح الأفكار وترسيخ الأخلاقيات والقيم باستخدام أساليب وطرق تتناسب مع التطورات التكنولوجية ومع تفكير واهتمامات الشباب، مع ضرورة مخاطبتهم بلغة العصر واللغة التي تجذبهم لتصحيح مساراتهم وإرشادهم بطريقة فعَّالة"، مبينة أنه يجب تسليط الضوء على القيم الإسلامية التي تنظم حياة الشباب والنشء في شتى الجوانب الحياتية، ليكون لهم مرجعية واضحة وبوصلة تقودهم إلى الطريق الصحيح.

ويوضح عبدالله بن راشد الكعبي، إعلامي ومذيع، أن الفضائيات استحوذت على مساحة واسعة من اهتمامات الشباب منذ انتشارها في أواخر القرن الماضي، وأصبحت مصدرا مهما من مصادر المعلومات المختلفة، إلا أن الوقت الحالي شهد نقلة نوعية في المنصات الرقمية وسهولة انتشار المعلومة، الأمر الذي ترتب عليه اختلاف اهتمامات الشباب في الوقت الحالي عن الماضي، متابعًا: "شباب اليوم يحتاج القنوات الفضائية التي تنمي قدراته ومواهبه من خلال البرامج التي تلامس قضايا الشباب وتطلعاتهم وأحلامهم، وهذا ما تسعى القنوات الفضائية إلى تحقيقه، فالقنوات الفضائية تلبي وتطرح البرامج المتنوعة  بحسب رغبات واحتياجات الجمهور المشاهد". ويذكر الكعبي أنه من الضروري معرفة الوسيلة الأنسب لمخاطبة النشء، لإيصال المعلومات والقيم التي نحتاج إلى غرسها ومناقشة قضاياهم وتوجيههم بالشكل السليم، قائلا: "في الماضي كانت تناقش هذه القضايا في الأندية والمجالس والمساجد ويتم توعية النشء والشباب بهذه الطريقة لتخريج جيل يمتلك ثقافة مجتمعية ودينية عالية، لكن اليوم اختلفت وتعددت الوسائل ولكن تبقى الرقابة الأسرية أمرا مهما لكي لا يتعلم النشء أو الشباب من الشارع ومن المنصات الرقمية".

عبدالله بن راشد الكعبي.jfif
 

ويرى الكعبي أن منصات التواصل الاجتماعي لم تعد مؤهلة لتعليم وتثقيف النشء، موضحا: "ما نشاهده وما نراه في هذه المنصات يؤكد سعي المحتويات غير الأخلاقية إلى هدم القيم والعادات والتقاليد، ويجب على أولياء الأمور مراقبة الأبناء ومراقبة المحتوى الذي يشاهدونه".

تعليق عبر الفيس بوك