الاستثمار الرياضي.. مطلب يفرضه واقع الحال

 

 

ناصر العموري

abusultan73@gmail.com

 

 

تأهل منتخبنا الوطني لكرة القدم إلى المباراة النهائية من منافسات بطولة كأس الخليج العربي "خليجي 25"، المقامة في مدينة البصرة بدولة العراق الشقيقة، بعد ملحمة بطولية وأداء قتالي لرجال الأحمر العماني في مباريات مجموعتهم لم يخسروا خلالها واختتموا سلسلة الانتصارات بالفوز على منتخب البحرين الشقيق، وهذا هو التأهل الخامس لنهائي كأس الخليج حصل فيها على اللقب مرتين؛ بما يدل على أن السلطنة بلد ولّادة للمواهب الكروية على مرور أجيال شريطة أن يلقى هذا التميز والإبداع الاهتمام من أعلى مستوى رياضي بالسلطنة مقرونا بتوفر الدعم للامحدود خصوصا من القطاع الخاص.

هذا التأهل المستحق فتح الباب على مصراعيه حول ضرورة التفكير في الاستثمار الرياضي في السلطنة وكيفية تسويق اللاعب العماني الموهوب في أندية عريقة عربيا وعالميا.

توضح الدراسات أن الاستثمار في المجال الرياضي بصفة عامة وفي المنشآت الرياضية بصفة خاصة من ضمن أكثر الاستثمارات ربحية في حال تم استيعاب المعنى الحقيقي للاستثمار وتسخير كافة المقومات له لما يمثله من أرض خصبة لمختلف مجالات الاستثمار كما أن له أهمية مزدوجة من حيث زيادة العوائد والرقي بخدمات الأندية الرياضية.

ولا يخفى على الجميع كيف أصبحت الرياضة الآن مصدرا لإيرادات كبيرة في العالم، وصناعة اقتصادية مهمة، ما يتضح جليا أن الرياضة تحولت من هواية ومتعة إلى صناعة تعد من أنجح مجالات الاستثمار.

فالاستثمار أصبح يلعب دورًا مهمًا وحيويًا في تطوير الرياضة على صعيد العموم والأندية الرياضية على وجه الخصوص بل وحتى المجتمعات وهو واحد من أهم الأدوات الاقتصادية ذات النفع الكبير والمردود الإيجابي نحو بناء استراتيجية رياضية مستقبلية ترتكز عليها المؤسسات الرياضية لصالح الأجيال القادمة.

لعل أبرز الأمثلة التي تشير لأهمية الاستثمار الرياضي ومدى الفوائد العديدة التي يمكن أن تعود على الدول من حيث الدخل المادي والترويج لسمعة البلد هو شراء عدد من الدول الخليجية لأندية أوربية شهيرة ولعل آخرها هو نادي نيوكاسل الإنجليزي الذي استحوذ عليه صندوق الاستثمارات العامة السعودي بنسبة 100% أما عن المستوى العالمي ووفقًا لمجلة "فوربس" الأمريكية، يمثل دخل كرة القدم في البرازيل 5%، من إجمالي الدخل العام، وبلغ حجم صناعة الرياضة في الصين 1.9 تريليون يوان، ما يوازي 294.1 مليار دولار ويعمل أكثر من 25 مليون شخص في المجال الرياضي بالصين بعد أن اتجهت الحكومة إلى الاستثمار الرياضي، وبفضل ضخ مليارات الدولارات، تقوم الأندية الصينية بشراء أسهم الأندية الكبرى في أوروبا، وكذلك استقدام عدد من نجوم الملاعب الأوروبية للعب في الدروي الصيني.

أما عن السلطنة وما يمثله الاستثمار الرياضي من أهمية فقد نظمت وزارة الثقافة والرياضة والشباب في شهر أكتوبر من العام الماضي أعمال مختبر الاستثمار في قطاع الرياضة استهدف المختبر كما نشر عنه كيفية التوافق على الممكنات العامة من تشريعات وقوانين وتبسيط الإجراءات التي تسهل الاستثمار في القطاع الرياضي مع تحديد أدوار الجهات ورسم خارطة طريق تحقق تطلعات القطاع ورؤية "عُمان 2040" والخروج بمشاريع ومبادرات وفرص استثمارية في القطاع الرياضي لتعزيز دوره في رفد الاقتصاد الوطني من خلال التوجهات الاستراتيجية ومواءمة القطاع مع التشريعات والقوانين واللوائح والنظم؛ حيث ركز المختبر على ثلاثة مرتكزات في الاستثمار الرياضي وهي المشاريع الاستثمارية والفعاليات والأحداث الرياضية والسياحة الرياضية تضم أربعة محاور هي: القوانين والتشريعات، والبنية الأساسية والكوادر المؤهلة، ومصادر التمويل، وكذلك البحث عن الفرص الاستثمارية والمستثمرين في هذا القطاع.

السلطنة بما لديها من مقومات تملك فرصا استثمارية عديدة، ونتمنى أن لا تكون توصيات وأعمال المختبر ومرتكزاته حبرًا على ورق وتصطدم بالإجراءات البيرقراطية والعقول التقليدية؛ بل أن تخرج بمشاريع وفرص وتسهيلات استثمارية حقيقية يمكن تطبيقها على أرض الواقع وذات جدوى اقتصادية عالية، مدعومة بشراكة حقيقية مع مختلف الجهات ذات العلاقة سواء الحكومية أو الخاصة لتفعيل دور هذا القطاع فالحاصل أن القطاع الخاص لدينا ورغم أرباح بعض الشركات التي تتجاوز عشرات الملايين لا يقوم بدعم الرياضة العمانية و لا المنشآت الرياضية ولا حتى الأندية الكروية بالشكل الأمثل مما يقلل من تطور القطاع الرياضي ووصوله لمصاف العالمية وهذا ما أفرزه ضعف الدوري لدينا ولولا المواهب العمانية المتجددة في كل مرة لما تحققت الإنجازات على صعيد المنتخبات.

وفي الختام.. نؤكد أن الاستثمار والتسويق الرياضي في السلطنة يحتاج لوقفة جادة وصريحة من جميع الأطراف دون استثناء سواء أكانت الحكومية من خلال وزارة الثقافة والرياضة والشباب واللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية والخاصة عبر الشركات بل حتى الأهلية ممثلة في الأندية الرياضية لتكتمل منظومة النجاح؛ وبما يتوافق هذا مع رؤية "عُمان 2040" وينعكس إيجابًا على تطور الرياضة العمانية على جميع الأصعدة.