خلفان الطوقي
قبل أيام أصدر حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- أيده الله- أوامر سلطانية سامية، بعض هذه الأوامر يخص دعم الفرق والجمعيات التطوعية الخيرية، وبعضها يخص وقف فرض ضريبة الأرباح على الأجانب من أفراد ومؤسسات، وبعضها يخص التنسيق بين بنك الإسكان العماني وبقية البنوك التجارية، وتسريع صرف القرض الإسكاني لمن تنطبق عليهم شروط الإسكان الحكومي.
الأمر السامي الذي تحاول هذه المقالة تسليط الضوء عليه هو: رفع القرض التمويلي لبنك التنمية العماني من مليون ريال عُماني فقط إلى ٥ ملايين ريال عماني (حوالي 13 مليون دولار أمريكي) مع إمكانية زيادة هذا المبلغ إلى أكثر من ذلك عند الإتيان بمشروع استراتيجي يشكل قيمة مضافة إلى السلطنة واقتصادها، وزيادة نسبة مساهمة البنك أكثر من النسبة السابقة، ورفع رأس مال البنك بما يتوافق مع التوجه الجديد في حجم الإقراض.
وهنا نطرح سؤالًا: من يستفيد من هذا الأمر السامي؟
يستفيد من هذا الأمر السلطاني السامي كلٌ من:
المستثمر المحلي؛ حيث يمكن للمستثمر المحلي أن يجد متسعًا من الأفكار التجارية برأسمال معقول يصل إلى 5 ملايين ريال عماني، لذلك لم يعد رأس المال عائقًا كالسابق، ويمكن البدء في تنفيذ المشروع على مراحل، والتوسع التدريجي ورفع رأس المال في وقت لاحق بما يتوافق مع رأس المال المتوفر.
مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية: رفع هذا الأمر السامي الحرج عن مجلس إدارة بنك التنمية العماني وإدارته التنفيذية وتم تمكينهم لاتخاذ قرارات جريئة للمشاريع الربحية الطموحة بعد استيفاء شروط المشاريع ومعايير الإقراض.
الاقتصاد الوطني: لا ينهض الاقتصاد الوطني إلا بالمشاريع الإنتاجية الكبيرة التي تهدف إلى الإنتاج لتغطية السوق المحلي، والتصدير للأسواق العالمية، وتحافظ على الميزان التجاري لصالح السلطنة.
الدولة: مع منتصف عام 2021 وبداية عام 2022 تم إقرار عدد من المبادرات والبرامج الوطنية مثل "تشغيل" و"تنويع" و"نزدهر" و"رقمنة" و"تنمية المحافظات" و"المحتوى المحلي"، وكما هو ملاحظ أنَّ الأمر السلطاني برفع القرض يعمل جنبًا إلى جنب مع هذه البرامج والمبادرات الوطنية، وبالرجوع إلى الأمر السامي يتضح أنَّ التركيز سيكون للمشاريع التي توظف العمانيين، والمشاريع التي تكون في المحافظات، والتي تأتي لعُمان وأهلها بقيمة مضافة ومحتوى محلي.
المحافظات: وتم توضيحه في النقطة السابقة أن التركيز سوف يكون للمشاريع التي تنفذ في المحافظات خارج محافظة مسقط لضمان توزيع الفرص الاستثمارية في كافة محافظات السلطنة، والاستفادة من المزايا التنافسية لكل محافظة، وتشجيع المحافظين للعمل بفكر اقتصادي وضمان ديمومة تنمية مجتمعاتهم المحلية، والمنافسة المستمرة مع بقية محافظات السلطنة.
المستثمر الأجنبي: يتشجع المستثمر الأجنبي للقدوم والاستثمار في عمان عندما يرى زخما استثماريا، فالطبيعة الفطرية للتاجر هي المتاجرة في المناطق التي يتزاحم فيها البشر، وكما يُقال في الأثر: البركة عند تزاحم الأقدام.
المناطق الصناعية والمناطق الحرة: من المأمول أنَّ هذا الأمر السامي سوف يعيد الحياة من جديد، ويعيد الثقة للمناطق الصناعية والمناطق الحرة، ويساهم في تنميتها وتوسعتها.
المؤسسات الصغيرة والمتوسطة: أي مشروع تجاري سوف يأتي معه بأنشطة مصاحبة مثل النقل والتخزين والتنظيف والصيانة وغيرها الكثير من الخدمات التي لن يستطيع هذا المشروع القيام بها بنفسه بل عليه الاستعانة بمؤسسات صغيرة ومتوسطة.
الباحثون عن فرص تدريبية ووظيفية: بدون أي شك عند استحداث أي مشروع تجاري ستكون هناك مجموعة من الفوائد المُباشرة وغير المباشرة، وأهم الفوائد المباشرة والملموسة هو توفر عدد من الفرص الوظيفية والتدريبية، فكلما زادت المشاريع التجارية زادت معها الفرص المُباشرة وغير المُباشرة.
المجتمع المحلي: إذا ما تمَّ دمج كل النقاط أعلاه، فإنَّ فوائدها ستظهر جليًا في المجتمع المحلي من خلال أفرادها أو مؤسساتها الصغيرة والمتوسطة أو جمعياتها المدنية أو جاذبيتها لمزيد من الاستثمارات المستقبلية.
أمر سلطاني استراتيجي طال انتظاره، سيُساعد في ملء فراغ كان موجودًا، وسوف تعم فائدته على المجتمع وأفراده والقطاع الخاص وفئاته، وكافة الأنشطة التجارية الربحية الصناعية والسياحية والزراعية والسمكية واللوجستية وغيرها، وما على أصحاب الأعمال الجادين منهم إلا الاستفادة قدر الإمكان مما هو متاح، وسوف يجدون الدعم اللازم.