المعتصم البوسعيدي
ها هو عام 2022 يطوي صفحاته، ويلملم أوراقه، وفي سطوره أحداث كثيرة، وحكايات مُتعددة مثيرة، لا يُمكن أن تتلاشى من الذاكرة، بل إن بعضها بداية التحولات الكبيرة، وانقلاب الموازين السابقة، وتغير القوى واختلاف الأفكار وتبدل الأحوال، وهذا ما حدث -بالفعل-في الجانب الرياضي على وجه الخصوص.
لقد أصبح حلم قطر 2022 حقيقة أجمل من الحلم، ومرَّ على الذاكرة الرياضية في أبهى حلة وأرقى طلة وأروع اكتمال، فيه سقط الغرب ومؤامراتهم، وبانت خلجات أنفسهم بما نطقوه وفعلوه من البذاءة والتصرفات الحمقاء، وفيه سطعت شمس الحقيقة لتكتب التاريخ الجديد؛ حيث النجاح الباهر في التنظيم، والعرب القادرين على المنافسة، والإرث الحضاري الذي كتب الحاضر والمستقبل، وفيما ختم ميسي المشوار بعزيزة كانت قد فارقته، ثم عادت لتلبسه بشت العريس والأفضل في التاريخ -حسب بعض الروايات-وما أكثرها! فقد لفظ المستطيل الأخضر منافسه ورماه في زاوية صعبة؛ ذاك كريستيانو رونالدو الذي كورته الأيام شيئًا فشيئا. ثم ماذا؟ ما من شيء كروي سيأتي إلا امتداد لما حدث في المونديال العالمي.
وحدهُ ريال مدريد -ربما-الذي لم يأبه بالتحولات في عام 2022 وتغيير موازين القوى؛ فظل وفيًا لمجده وتفوقه، وجمع-بتفرده-إسبانيته الساطعة على عرش أوروبا الثمين. أما البقية فقد كان العام عام الرحلة الأخيرة لأساطير الكرة الصفراء روجر فيدرر، وسيرينا السمراء، وفيه -على الصعيد المحلي- "تنفسنا الصعداء"؛ فأخيرًا بتنا على خارطة القارة الآسيوية بلقبٍ "سيباوي" عُماني تاريخي يفترض استثماره على الوجه الأمثل وترجمته في التغيير والتطوير الرياضي، وفيما أشعل هذا العام فتيل الحرب وأخرج روسيا وبلا روسيا من خارطة الرياضة بقرارٍ سياسي، أشعل كذلك الحنين العربي؛ فأعاد مُقلة العراق على العين الخليجية، التي سنشاهد منها انطلاق البصرة إلى البصيرة المدركة لمعنى الوحدة ولم الشمل وعودة المياه إلى مجاريها.
نتطلع مع رحيل عام وقدوم عام جديد إلى فهم هذه التحولات، وإدراك المستحيل الذي عشعش في العقول، فلقد تقاربت المستويات، ومن "لا يحب صعود الجبال/ يعش أبد الدهر بين الحفر" ولعمري أننا في عُمان الحبيبة لأكثر الناس حاجة للتغيير وبداية عهد جديد يتسم بالبنية التحتية الحديثة والخطط المرسومة على طموحاتٍ لا تبحث عن المشاركة؛ بل التنافس الرياضي العالمي، والبحث عن الذهب الذي لا يصدأ. وكل عام وأنتم بخير.