تسهيل الزواج

نواقيس خطر (4)

‏راشد بن حميد الراشدي **

يقول لي أحد الأصدقاء والعهدة على راوي الحكاية: دُعيت إلى أحد المجالس لزواج أحد أبناء الطبقة المخملية التي تكسبت من هذا الوطن ومقدراته على مدى سنوات عديدة وذلك عن طريق أحد الإخوة وهو المدعو الحقيقي لتلك المناسبة مرافقًا له.

ذهبنا إلى ذلك المجلس والسيارات الفارهة تُحيط بالمجلس ودخلنا وقهقهات الحضور من المدعوين تملأ المكان ومئات الحضور يعتمرون ذلك المجلس.

بعد التحية والسلام جلسنا في أحد الأماكن التي وجدنا بها مكانًا خاليًا لنا فيه ويتسع لنا نحن الاثنين، وجلست وأنا أحدق في الحضور وجمال ذلك المجلس، وقد ذهبت بعيدًا بأفكاري التي أعاني منها بحكم ظروفي المحيطة وظروف الكثير من إخواني الشباب الذين صدمتهم الحياة بعد تخرجهم في الجامعات وحصولهم على مستوى تعليمي جيد. فتذكرت بداية فرحتي وفرحة أسرتي بتخرجي، وتذكرت كذلك بحثي المضني عن عمل بين آلاف الباحثين، وتذكرت كذلك استغلال بعض الشركات لنا بعرض راتب بسيط وراتب مقرون بالتشغيل، وتفاجأنا بعد سنتين من الكد بأن هناك البعض يستغل ذلك لنعمل معهم لمدة سنتين براتب ضعيف، ثم تذكرت عملي الذي حصلت عليه اليوم بعد سنوات من تخرجي براتب 550 ريالًا.

تذكرت كذلك أمي وأبي وإخوتي وكيف اقتسم الراتب مع احتياجاتهم اليومية في هذه الحياة لتوفير العيش الكريم لهم في ظل ارتفاع الأسعار وجشع التجار، والضرائب والرسوم وغيرها من متطلبات الحياة، تذكرت كيف يمكنني أن أتزوج وقد بلغت ثلاثين عامًا وليس لدي ما أملكه لتلك الرحلة الجميلة التي يتمناها كل شاب.

تذكرت تكاليف الزواج والمكان المناسب للعيش ومتطلبات ما بعد الزواج وارتباطي المادي بأسرتي، وأنا لا زلت في حلمي تنبهت ومكبر الصوت يبث كلمات المليك للعريس: (قل قد قبلت فلانة بنت فلان زوجة لي)، فتوقف حلم اليقظة لديَّ، وتذكرت في تلك اللحظة أن العريس قد وفرت له عائلته المخملية كل شيء يتمناه من المسكن المناسب والأثاث والمهر والقاعة والهدايا والسيارة والعمل الملائم ورحلة شهر العسل، وكل ما يحلم به الشباب في رحلة الحياة السعيدة. تذكرت أن عمر ذلك الشاب لم يتجاوز الرابعة والعشرين وقد منَّ الله عليه بزواج مبكر عن أعمارنا، تذكرت أنه لو كان هناك صندوق للزواج بدون فوائد لسعى الجميع للزواج وفي سن مبكرة. وتذكرت أن رواتبنا لو كانت أكبر لتتحمل المهور والمصاريف والضرائب ورسوم الخدمات لكان حالنا أفضل، وتذكرت لو وعى المجتمع بأهمية التخفيف من المهور وشروط الزواج وتبعاته لانفرجت أسارير الشباب وجاهدوا لبناء أسر صالحة.

تذكرت وتذكرت وقد أتت صحون الحلوى ودلال القهوة نحونا وأنا أمد يدي لأشارك ذلك الجمع أفراحهم بزواج ابنهم.

خرجنا من ذلك المجلس وقد انفض الجمع وغادر أصحاب الطبقة المخملية بسياراتهم الفارهة ولسان حالي يقول: (هم كُتب لهم أن يتزوجوا ونحن لم يُكتب لنا).

أسأل الله أن يُبدل حالنا ويستر شبابنا ويغنيهم من واسع فضله.

فهل من مشمر نحو صلاح الشباب وإيجاد الحلول الجادة لمستقبل أفضل لهم لتكوين أسرة صالحة تبني الوطن بإخلاص وتفانٍ وتكون سندًا لهذه الأمة.

اللهم آمين. وحفظ الله الجميع وفرج كربهم دنيا وآخرة.

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية

الأكثر قراءة