أحمد السلماني
أبهر المنتخب العربي المغربي العالم بأسره، عندما تخصص في اصطياد القوى العظمى في كرة القدم؛ إذ ابتدأ المشوار بالتعادل مع المنتخب الكرواتي المتألق الذي أقصى لاحقًا البرازيل بتاريخها الكبير، والمنتخبان يلعبان بذات المجموعة، وصعدا معًا، وهذا دليل على أنها أقوى المجموعات على الإطلاق بوجود البعبع البلجيكي المُصنف ثانيًا دوليًا.
وأكد المغاربة على إمكانية تحقيق الحلم العربي بالفوز الصريح على بلجيكا بثنائية عذراء ثم التأكيد على أحقية الصعود وصدارة المجموعة بفوز صعب لكنه مهم على كندا رغم الإرهاق الذي نال من الفريق المغربي بعد أن لعب مباراتين صعبتين.
الدرب لم يكن مفروشا بالورود فكان الضحية التالية للأسود هو الماتادور الأسباني والفوز عليه تأكيد حقيقي على أن التألق المغربي لم يكن صدفة.
ثم جاء الدور على البرتغال والتي فيما يبدو أنها كانت مهزومة قبل أن تواجه المغرب منذ أن اكتسحت سويسرا بسداسية مُقابل هدف شرفي ومثل هذه النتائج الكبيرة سلاح ذو حدين وكانت بمثابة تخدير لرونالدو ورفاقه فأتت صدمة الخروج بهدف للنصيري على نمط وطريقة البرتغالي رونالدو في ارتقائه العالي وألعاب الهواء فكان أن زاحم العرب كبار العالم بوصولهم لمربع الذهب لأول مرة في تاريخهم.
أسود الأطلس اصطادت ضحاياها بنمط وأسلوب لعب واحد مبدأه أساسا الثقة في إمكانية تحقيق الفوز واحترام الخصوم دونما مبالغة والاعتماد على دفاع المنطقة ومن ثم المبادرة بالهجوم ووضع الخصم تحت الضغط والاستحواذ على الكرة ووسط الملعب لأقصى مدة ممكنة.
وهناك عدة عوامل ساهمت في إنجاز المغرب من أبرزها: احتراف معظم لاعبي المنتخب في أوروبا فمن أصل 26 لاعبا مغربيا، يلعب 20 في أوروبا، يتقدمهم غانم سايس لاعب بشكتاش التركي، وأشرف حكيمي لاعب باريس سان جيرمان الفرنسي، ونصير مزراوي لاعب بايرن ميونخ الألماني، وحكيم زياش لاعب تشيلسي الإنجليزي، وسفيان أمرابط لاعب فيورونتينا الإيطالي ولا يلعب في الدوري المغربي سوى ثلاثة لاعبين فقط، كلهم ينتمون إلى فريق الوداد البيضاوي، الفائز بالدوري المحلي ودوري أبطال إفريقيا الموسم الماضي، وهم الحارس أحمد رضا التكناوتي، واللاعبان يحيى جبران، ويحيى عطية.
ويضم المنتخب المغربي 14 لاعبًا من أصل 26 ولدوا خارج أراضي المملكة، اثنان منهم وُلدا في إسبانيا، وأربعة في هولندا، وثلاثة في فرنسا، وثلاثة آخرون في بلجيكا، وواحد في إيطاليا وآخر في كندا.
هذا إضافة إلى اللاعب عبد الحميد الصبيري الذي يحمل الجنسية الإيطالية بالرغم من ولادته في المغرب، والمدرب وليد الركراكي المولود في مدينة كورباي إيسون الفرنسية.
واختار هؤلاء اللاعبون تمثيل وطنهم الأم وقالوا إنهم لبوا "نداء القلب" وإنهم شعروا بأنَّ هذا هو الاختيار الصحيح والمناسب لهم.
العامل الثاني زمرة من نجوم المنتخب المغربي هم من مخرجات أكاديمية الملك محمد السادس لكرة القدم والتي أطلقت العام 2007 وأنشئت بعد دراسة الإخفاقات التي لازمت الكرة المغربية قبل تلك الفترة.
أما ثاني نقاط قوة المنتخب المغربي فقيادته التي تتمثل في وجود مدرب وطني شاب، هو وليد الركراكي، الذي ولد في ضواحي فرنسا ولعب في أندية فرنسية وإسبانية، وكذلك في المنتخب المغربي 45 مقابلة دولية في الفترة ما بين عامي 2001 و2009.
وتولى الركراكي قيادة المنتخب المغربي خلفًا للبوسني وحيد خاليلوزيتش في أغسطس الماضي، وذلك قبل أقل من ثلاثة أشهر على انطلاق المونديال. وتمكن الركراكي من جمع أكبر عددٍ من النقاط التي لم يسبق أن حصل عليها منتخب عربي وإفريقي في دور المجموعات.
أما ثالث نقاط القوة لدى "أسود الأطلس" فتتمثل في مرافقة أسر اللاعبين لهم في مونديال قطر والحرص على تشجيعهم ودعمهم خلال المباريات.
في حين أن رابع عوامل الفوز تمثل في الدعم الجماهيري الكبير الذي يحظى به المنتخب المغربي من ضمن أسباب قوته في هذه البطولة التي تقام لأول مرة في بلد عربي. وإضافة إلى جماهير المغرب الكبيرة التي زحفت بكثافة وراء فريقها لتشجيعه، حصل "أسود الأطلس" على دعم مُماثل وربما أكبر من بقية مشجعي كرة القدم من مختلف الجنسيات العربية في قطر.
وختامًا.. فوز المغرب ووصوله إلى الدور ربع النهائي من مونديال قطر 2022، بمثابة فوز لكل عربي من المشرق إلى المغرب، وكُلنا أمل كبير في أن يصعد هذا الفريق البطل إلى النهائي الحلم، وأن يُتوج بالكأس الذهبية، لتكون سابقة تاريخية للعرب أجمعين.