عُمان والإمارات.. شعب واحد في بلدين

 

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

احتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في الرابع من ديسمبر الجاري بالذكرى الـ51 ليومها الوطني، وبالذكرى الأولى لتولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مقاليد الحكم في بلاده.

وبهذه المناسبة الجليلة، أقامت سفارة دولة الإمارات بمسقط حفل استقبال كبيرا، ولافتا لي في فقراته وعدد حضوره، وما لفت انتباهي أكثر أثناء الحفل وبعده هو حجم التداخل العضوي والتطابق بين البلدين: سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، هذا التداخل الذي رسخ قناعتي بأنَّ البلدين في حقيقتهما شعبٌ واحدٌ في بلدين، وإن اختلفت الرمزيات السيادية بينهما من مسميات رسمية وألوان أعلام وأسماء عملات ونشيد وطني؛ فجميع هذه الرموز رغم مقتضيات ومبررات وجودها في الدولة العصرية اليوم، إلّا أنها لا ترقى لتتفوق على الأواصر التاريخية والعُرى الاجتماعية ومفردات المصالح الحيوية المشتركة بين البلدين، وفوق كل هذا وقبله المصير المُشترك لهما.

إنَّ العلاقات بين سلطنة عُمان وشقيقتها دولة الإمارات العربية المُتحدة متجذرة تاريخيًا ومُتداخلة جغرافيا واقتصاديا إلى حد التكامل، وبالتالي فهي أقوى فطريًّا من أي صيغة عصرية متعارف عليها اليوم للتعاون بين البلدان، فهي أقوى وأعمق من أي تمثيل دبلوماسي، وأقوى وأوثق من أي اتفاقية أو معاهدة أوجدها القانون الدولي أو تعارفت عليها الدول وأقرتها في علاقاتها ببعض.

البلدان بلغة المصالح، مكملان لبعضهما في جميع أوجه ومفردات التعاون والتكامل ومطامح أي دولة في الارتقاء والتطور والنهوض؛ حيث يتمتع البلدان مُجتمِعيْن بمقومات طبيعية وبشرية وجغرافية مميزة، وشهرة عالمية، ووفورات مالية تجعل من العلاقات بينهما تتعدى التكاتف إلى مرتبة التحالف، هذا التحالف الذي يعود بنا إلى الأسس والأواصر التاريخية والذي يجعل منه تحالفًا مصيريًّا بين الدم والتراب لا يعرف النقض ولا الانتقاص.

المُمكنات لتطوير العلاقات اليوم بين السلطنة وشقيقتها دولة الإمارات العربية المتحدة كثيرة ولا يمكن حصرها؛ فحركة المسافرين ثراء بينهما، والتجارة البينية عوائدها مُجزية، والسياحة البينية تعد اليوم من أفضل أنواع السياحة وأكثرها إثمارًا، والتكامل اللوجستي والنقل البحري والبري والجوي يمكن أن يُشكل حالة استثنائية في التعاون بينهما.

تعلَّمنا في الشرع أنَّ هناك أصولا وفروعا، والأصول هي الأهم، وفي السياسة كذلك والعلاقات بين الدول ما يُشبه هذه القاعدة الشرعية إلى حد كبير، خاصة فيما يتعلق بدول الجوار، والتي من الطبيعي جدًا أن تعرف بعض المماحكات أو الخلافات بين حين وآخر، وهي في الغالب في خانة الفروع لا الأصول، لهذا عرفت العلاقات العُمانية الإماراتية بالثبات والرسوخ بحكمة القيادتين وبمؤازرة الشعب الواحد في البلدين؛ فأصبح أي خلاف استثناء، والوئام هو القاعدة.

وفي ظل العهدين الجديدين في كلا البلدين، سيحرص كل منهما -في تقديري الشخصي- على إضافة لَبِنات تعاون مثمرة وراسخة للعلاقات بين البلدين الشقيقين؛ في إطار الهويات الخاصة لكل عهد، وفي السياق العام للعهود المتجددة في كلا البلدين، وتناغمًا وإذعانًا لمقتضيات البُعد التاريخي الوثيق المولد بكل يقين لواقع مضيء ومستقبل واعد ومُشرق، وهذا ما يجعلني شخصيًا -ومعي الكثير بلا شك من شعب البلدين- على يقين بأنَّ أنموذج العلاقات الثنائية بين السلطنة والإمارات سيكون مثالًا رائعًا وقدوة حسنة في العمل العربي المُشترك بجهود الخيِّرين في كلا البلدين.

------------

قبل اللقاء: "جميع أنواع العلاقات بين الدول تتطلع إلى المستقبل لتطويرها والارتقاء بها، بينما العلاقات العُمانية-الإماراتية تستقي من الماضي عُرى وتكاملا ومصيرا، لتشكل حالة تاريخية متفردة في العلاقات الدولية.

وبالشكر تدوم النعم...،