تحليل: محمد بن سلمان يسعى لدور قيادي بالشرق الأوسط مع زيارة الرئيس الصيني للمملكة

◄ زيارة شي تأتي في مرحلة حساسة في العلاقات الأمريكية السعودية

◄ من المتوقع أن يلقى شي استقبالًا فخمًا بالرياض يوم الثلاثاء

◄ السعودية أكبر مورِّد للنفط إلى الصين

◄ العلاقات السعودية الأمريكية توترت بسبب مجموعة من القضايا

◄ الرياض تستضيف أيضًا القمة الصينية العربية

الرياض- رويترز

قال محللون إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سيستضيف الزعيم الصيني شي جين بينغ هذا الأسبوع في مرحلة حساسة في العلاقات الأمريكية السعودية مما يشير إلى تصميم الرياض على الإبحار في نظام عالمي مستقطب بغض النظر عن رغبات حلفائها الغربيين.

وعاد الأمير محمد ولي عهد السعودية إلى الساحة العالمية بعد مقتل جمال خاشقجي عام 2018 الذي ألقى بظلاله على العلاقات بين الرياض وواشنطن وأبدى تحديا في مواجهة غضب الولايات المتحدة بشأن سياسة الطاقة التي تنتهجها المملكة والضغط من واشنطن للمساعدة في عزل روسيا.

وفي استعراض للقوة كزعيم طموح للعالم العربي، سيجمع الأمير محمد أيضا حكاما من جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لحضور قمة صينية عربية خلال زيارة الرئيس شي المتوقع أن تبدأ يوم الثلاثاء.

وقال أيهم كامل رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا إن "الرياض تعمل وفق حسابات استراتيجية لا بد وأن تستوعب بكين لأنها الآن شريك اقتصادي لا غنى عنه".

وقال المحللون إنه على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال الشريك المفضل لدول الخليج التي تعتمد عليها لأمنها، فقد بدأت الرياض تضع سياسة خارجية تخدم تحولها الاقتصادي الوطني مع ابتعاد العالم عن الهيدروكربونات، شريان الحياة للسعودية. وقال كامل "هناك بالتأكيد خطر أن يؤدي تعزيز العلاقات مع الصين إلى نتائج عكسية وإلى مزيد من الانقسام في العلاقات الأمريكية السعودية... لكن ولي العهد السعودي لا يقوم بالتأكيد بذلك بدافع الحقد".

وتأتي زيارة شي في وقت تراجعت فيه العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية إلى أدنى مستوياتها ومع تأثير الغموض على أسواق الطاقة العالمية بسبب فرض الغرب حد أقصى لأسعار النفط الروسي وفي الوقت الذي تتابع فيه واشنطن بقلق تنامي نفوذ الصين في الشرق الأوسط.

ولم ترد الحكومة السعودية على طلبات للتعليق على زيارة شي وبرنامجها.

وفي علامة على الغضب من الانتقادات الأمريكية لسجل الرياض في مجال حقوق الإنسان، قال الأمير محمد لمجلة "ذي أتلانتك" في مارس إنه لا يهتم بما إذا كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أساء فهم أمور تتعلق به، قائلا إن على بايدن التركيز على مصالح أمريكا. كما أشار في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية في الشهر نفسه إلى أنه رغم أن الرياض تهدف إلى تعزيز علاقاتها مع واشنطن فيمكنها أيضا أن تختار تقليص "مصالحنا"، الاستثمارات السعودية، في الولايات المتحدة.

وتعمل السعودية على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين. والرياض أكبر مورد للنفط للصين على الرغم من أن روسيا العضو أيضا مثل السعودية في مجموعة أوبك بلس زادت حصتها في السوق الصينية بوقود منخفض السعر.

وتضغط بكين أيضا لاستخدام عملتها اليوان في التجارة بدلا من الدولار الأمريكي. وسبق أن هددت الرياض بالتخلي عن بعض تعاملات النفط بالدولار لمواجهة قانون أمريكي محتمل يعرض أعضاء أوبك لدعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار. وتشهد العلاقات الأمريكية السعودية توترا بالفعل بسبب حقوق الإنسان والحرب اليمنية التي تقود فيها الرياض تحالفا عسكريا. وقد زادت توترا خلال حكم إدارة بايدن بسبب حرب أوكرانيا وسياسة أوبك بلس النفطية.

ضجة واتفاقيات

وقال دبلوماسيون في المنطقة إن شي سيحظى باستقبال فخم على غرار ما حدث مع الرئيس السابق دونالد ترامب عندما زار المملكة في عام 2017، وعلى النقيض من الزيارة غير الملائمة التي قام بها بايدن في يوليو والتي كانت تهدف إلى إصلاح العلاقات مع الرياض.

واستقبل العاهل السعودي الملك سلمان ترامب في المطار وسط ضجة كبيرة في الوقت الذي توصل فيه إلى عقود للصناعة العسكرية الأمريكية بأكثر من 100 مليار دولار. وقلل بايدن، الذي تعهد في الماضي بجعل الرياض "منبوذة" بسبب مقتل خاشقجي، من أهمية اجتماعاته مع الأمير محمد الذي لم يصافحه واكتفى بملامسة بقبضة اليد.

وقال دبلوماسيون لرويترز إن من المتوقع أن يوقع الوفد الصيني عشرات الاتفاقيات مع السعودية ودول عربية أخرى تشمل الطاقة والأمن والاستثمارات.

ويركز الأمير محمد على تنفيذ خطة التنويع الخاصة برؤية 2030 لإنهاء اعتماد الاقتصاد على النفط من خلال إنشاء صناعات جديدة، من بينها تصنيع السيارات والأسلحة وكذلك الخدمات اللوجستية، على الرغم من أن الاستثمار الأجنبي المباشر يتسم بالبطء.

وتستثمر السعودية بشكل كبير في البنية التحتية الجديدة والمشاريع العملاقة في السياحة والمبادرات مثل منطقة نيوم التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، فيما يمثل ربحا كبيرا لشركات البناء الصينية.

وقالت السعودية وحلفاؤها الخليجيون إنهم سيواصلون تنويع الشراكات لخدمة المصالح الاقتصادية والأمنية على الرغم من تحفظات الولايات المتحدة بشأن علاقاتهم مع كل من روسيا والصين.

وقال جوناثان فولتون من أتلانتك كاونسل إن الأمير محمد يريد أن يثبت لمؤيديه في الداخل أن الرياض مهمة للعديد من القوى العالمية. وقال "ربما يشير إلى الولايات المتحدة أيضا ولكنه... مهتم بشكل أكبر بما يراه الناس داخل المملكة".

علاقة معقدة

وتوعد بايدن "بعواقب" بالنسبة للرياض بعد خطوة أوبك بلس بشأن الإنتاج ولكن واشنطن أكدت بعد ذلك دعمها لأمن المملكة مع تشديد المسؤولين الأمريكيين على "الميزة النسبية" للولايات المتحدة في بناء هياكل دفاعية متكاملة في الخليج.

وقال المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي جون كيربي للصحفيين يوم الأربعاء إن واشنطن تريد التأكد من أن علاقتها "الاستراتيجية" مع الرياض تحقق "أفضل مصالحنا".

وامتنع المسؤولون الأمريكيون عن التعليق عندما سئلوا عن العلاقات السعودية الصينية قبل زيارة شي.

وأبدت واشنطن قلقها بشأن استخدام دول الخليج العربية تكنولوجيا الجيل الخامس الصينية واستثمارات بكين في البنية التحتية الحساسة مثل الموانئ، بما في ذلك في دولة الإمارات التي أوقفت مشروع ميناء صيني بسبب مخاوف الولايات المتحدة.

وتشتري الرياض وأبوظبي معدات عسكرية صينية ووقعت شركة سعودية صفقة مع شركة صينية لتصنيع طائرات مسيرة مسلحة في المملكة.

وقال المحلل السعودي عبد العزيز صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث ومقره الرياض لتلفزيون الشرق للأخبار السعودي إن الدول العربية تريد إبلاغ الحلفاء الغربيين أن لديها بدائل وأن علاقاتهم تستند في المقام الأول إلى المصالح الاقتصادية.

وقال جون ألترمان مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية إنه على الرغم من أن العلاقات السعودية مع الصين تنمو "بسرعة أكبر بكثير" من العلاقات مع الولايات المتحدة إلا أن العلاقات الفعلية ليست مماثلة. وأضاف أن "العلاقات مع الصين تتضاءل مقارنة بالعلاقات مع الولايات المتحدة من حيث التعقيد والألفة".

تعليق عبر الفيس بوك