قايس على غوازيك

 

 

سالم بن نجيم البادي

 

لست هنا بصدد الدعوة للمقاطعة أو عدم المقاطعة لكنني مع حرية الإنسان الشخصية وعدم الوصاية عليه، ومحاولة الثأثير على الناس في وسائل التواصل الاجتماعي وعن طريق المشاهير؛ كأن يشتري أحدهم هذه البضاعة ثم يصور ذلك لحث الناس على شرائها رغم ارتفاع أسعارها!

أنت تستطيع أن تشتري، لكن غيرك قد لا يستطيع الشراء، وأنت تعلم أنك مؤثر وفئة من الناس صاروا يتخذونك قدوة، وأصبحتم- أنتم المشاهير- مثل قادة الفكر والرأي، وبعض الناس يتحركون وفق الاتجاه الذي تشيرون إليه، وقد شاهدنا تلك الجماهير الغفيرة التي تتسابق نحو المحلات التي تعلنون عن خفض الأسعار فيها وغير ذلك من الأشياء التي تعلنون عنها.

التخوين والاتهام بعدم الوطنية لمجرد أن تتوقف عن شراء السلعة التي ارتفع سعرها فيه شطط وظلم وعدم تقدير لظروف كل فرد في المجتمع، ويُخشى أن تصبح ثقافة سائدة وأن تُساق التهم جزافًا. فأنت إن لم تشترِ منتجًا وطنيًا فلا وطنية لديك!! وإن انتقدت بعض الأوضاع في البلد فأنت "عديم الوطنية" ومثبط ومن دعاة السلبية ولا ترى إلا الجانب الفارغ من الكأس!!

هل اطلع هؤلاء على النوايا؟ هل يعرفون ماذا تعني لك زيادة سلعة ما ولو بقدر 100 بيسة؟ ثم إن كل إنسان أدرى بظروفه وأحواله وأفكاره وفلسفته في الحياة، ولا داعي لممارسة الضغوط على المواطن، وليُترك ليدبر أموره بنفسه، ولا بأس عليه ولاحرج إذا مارس حريته إذا كان لا يلحق الضرر بأحد، ويتجنب الإساءة للوطن، وليقاطع إن شاء بصمت أو يشتري بصمت، دون الدعوة إلى المقاطعة أو عدم المقاطعة وتقسيم المجتمع إلى "مع أو ضد" المقاطعة، وما قد ينتج عن ذلك من تأثير سلبي ولو على المدى البعيد على وحدة وتماسك وسلام المجتمع.

وقد قيل على سبيل التهكم إن من عجائب هذا الزمن أن تقاس الوطنية بشراء "قوطي لبن"! وأنت حر في أن تقاطع أولا تقاطع، "قايس على غوازيك"، واعلم أن ذلك لا علاقة له بالوطنية ولا الأخلاق ولا الحلال والحرام، لكن له علاقة بما في حسابك في البنك، أو بما في جيبك.. فكُن حرًا في اتخاذ قراراتك.