طالب المقبالي
قبل إطلاق وسم "مقاطعة شركة مزون للألبان"، كنتُ قد نشرت تغريدة إلا أنني تراجعت عنها بعد تفكير عميق حتى لا أكون سببًا في إلحاق الضرر بشركة مزون للألبان التي توظِّف أكثر من 70% من العُمانيين، وتنتج أفضل وأرقى منتجات الألبان التي تنافس أرقى وأقدم شركات الألبان حول العالم.
وكانت تغريدتي نتيجة استياء لحظي من قرار رفع أسعار منتجات الشركة، فأعلنت عن مقاطعتي لمنتجات مزون للألبان وحليب المدهش إلى جانب منتجات شركات أخرى رفعت أسعارها في صمت، بخلاف شركة مزون للألبان التي لا تعد الشركة الوحيدة التي رفعت الأسعار، وإنما هي الشركة الوحيدة التي أعلنت عن رفع أسعارها من باب الشفافية، بحيث قامت شركات كثيرة برفع أسعار منتجاتها بصمت، ونحن لم نقاطعها.
فقد دعت بعض فئات المجتمع إلى مقاطعة شركة مزون للألبان لأنها أعلنت بكل شفافية عن نيتها رفع أسعارها اعتبارًا من الثلاثاء 8 نوفمبر 2022، في حين أن هناك شركات أجنبية كثيرة رفعت أسعار منتجاتها في صمت، فهل دعوا لمقاطعتها؟! وهناك منتجات لدول مثل الهند وفرنسا والدنمارك تضطهد الإسلام والمسلمين وتحرق القرآن الكريم وتقتل المسلمين فهل قاطعناها نصرة للإسلام؟!
هذه التغريدة لم ترق لمن يحاربون من يتحدث عن الدين وعن الإسلام وعن إهانة القرآن الكريم وعن التنكيل بالمسلمين، فاضطررت لحذفها لأنَّ معظم تغريدات تويتر يقتحمها الذباب الإلكتروني والمتربصون بهذا البلد العزيز من أجل وقف مسيرته وتقويض تطوره والنيل منه.
ولذلك، فإنَّ مغادرة تويتر أصبحت وشيكة وضرورة لا بُد منها، لأنه لم يعد تويتر المنبر الذي يُسمع فيه صوت الحق، وإنما أصبح بوقًا لبث الفتن والنعرات الطائفية والأحقاد، ونشر التفاهات التي لا قيمة لها، وستبقى مقالاتنا الصحفية هي الرسائل التي نستطيع إيصالها للمتلقي بكل صدق وشفافية.
وشركة مزون للألبان هي شركة عمانية، زُرتها في ديسمبر 2021 ضمن وفد إعلامي كبير، واطلعنا على تفاصيل أعمال هذه الشركة التي كافحت من أجل إثبات وجودها في السوق العماني، واستطاعت أن تنافس أرقى الشركات المماثلة. وكانت زيارة مثمرة اطلعنا من خلالها على مزارع الأبقار، ومصانع تحضير الألبان بمختلف مراحله إلى مرحلة النقل والتوزيع إلى أسواق سلطنة عمان، كذلك الاطلاع على المنتجات الأخرى التي تنتجها الشركة، وقد شاهدنا عرضًا مرئيًا تضمن مراحل تأسيس الشركة حتى مرحلة الإنتاج والتصدير.
الحقيقة التي لا يعلمها كثير من الناس عن منتجات هذه الشركة أنها تستخدم الحليب الطازج في جميع منتجاتها بما في ذلك الحليب طويل الأجل والروب والأجبان وغيرها، بخلاف بعض الشركات التي تنتج الحليب طويل الأجل والألبان من الحليب المجفف الذي غالبًا ما يكون مستوردًا.
وفي سؤال طرحته على أحد المسؤولين بالشركة عن كيفية التصرف بالمنتجات المسترجعة من الأسواق وخاصة الحليب، فكان الجواب أنها تحوّل إلى أعلاف حيوانية وأسمدة للمزروعات، ولا تدخل إطلاقًا في أي منتجات للاستخدام البشري.
شركة مزون للألبان تسير وفق خطط مدروسة واستراتيجية ثابتة لا تحيد عنها، والحملة الشعواء التي تشن عليها الآن هي التي ينتظرها المتربصون بهذا البلد، وستأتي من بعدها شركات أجنبية ستطبق أعلى الأسعار وسنتقبلها رغمًا عن أنوفنا.
ولو أدت هذه المقاطعة إلى إفلاس الشركة وغلقها- لا سمح الله- فسوف يسرح آلاف العمانيين الذين سيلتحقون بقائمة الملاحقين قضائيًا بسبب الديون.
والزيادة التي ستطبقها الشركة مجبرةً، هي بسبب ارتفاع أسعار المنتجات التي تستوردها الشركة من الخارج والتي تدخل ضمن مكملات التصنيع كالبلاستيك وغيرها من المنتجات. وسوف تستغل الشركات المنافسة هذه المقاطعة للإطاحة بهذه الشركة من خلال تخفيض الأسعار مؤقتًا، وإن اضطرت تلك الشركات للخسارة مؤقتًا من أجل اكتمال سيناريو إسقاط الشركات المحلية المنافسة.
لقد اعتدنا في البلدان الأخرى أن نسمع عن مقاطعات لشركات خارجية منافسة من أجل استمرار الشركات المحلية لتبقى الموارد تدور داخل البلد.
مثل هذه الحملة والهبة الوطنية نريد أن نراها ضد الشركات التي تطعمنا السموم وتحاول الكسب السريع على حساب صحتنا، فهل من صحوة في هذا المضمار؟!