الأونسيترال

 

عيسى الغساني

أحد عناصر قوة القانون أن القاعدة القانونية تتسم بالتخصص والوحدة والثبات وصحة التطبيق وفي مجال الاستثمار والتجارة الدولية، يشكل توحيد القوانين وصحة التطبيق أحد أهم عناصر تنشيط وتحفيز بيئة الاستثمار الدولية. واهتمت الأمم المتحدة بالقوانين عبر إنشاء جهة مختصة في وضع قوانين ومبادئ نموذجية وهذه الجهة هي لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي "الأونسيترال".

فماهي الأونسيترال؟

هي الهيئة القانونية الرئيسية التابعة لمنظومة الأمم المتحدة في مجال القانون التجاري الدولي. أنشئت عام 1966، وهي هيئة قانونية ذات عضوية عالمية متخصصة في إصلاح وتطوير القانون التجاري على النطاق العالمي منذ ما يزيد على 50 سنة، وكذلك الاختلاف في القوانين الوطنية التي تنظّم التجارة الدولية واختلاف هذه القوانين أدى إلى ازدياد العوائق أمام تدفق التجارة الدولية، والأونسيترال هي الوسيلة التي تعمل بها الأمم المتحدة لتوحيد القوانين وتقليل العوائق، وكذلك دعم وتنسيق الأنشطة القانونية التي تقوم بها المنظمات الدولية والإقليمية العاملة في ميدان القانون التجاري الدولي، والتعاون بشأنها، وتعزيز سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي.

ومن أهم اتفاقيات الأونسيترال اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية، وتعدُّ اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وإنفاذها التي وقعت في نيويورك عام 1958، وتسمى بـ"اتفاقية نيويورك"، واحدة من أهم معاهدات الأمم المتحدة في مجال القانون التجاري الدولي، وهي حجر الزاوية في نظام التحكيم الدولي وبموجب اتفاقية نيويورك تتعهد الدول بإنفاذ مفعول اتفاقات التحكيم وبالاعتراف بقرارات التحكيم الصادرة في دول أخرى وتنفيذها. ودعمت الأونسيترال التوفيق والوساطة؛ باعتبارها وسيلة لتسوية المنازعات التي تنشأ في سياق العلاقات التجارية الدولية. وقواعد الوساطة هي مجموعة من القواعد الإجرائية الموحدة على الصعيد الدولي لنظيم إجراءات التوفيق.

إضافة إلى ذلك، وفي ظل تزايد استخدام التوفيق كوسيلة لتسوية المنازعات التجارية، وُضع قانون الأونسيترال النموذجي بشأن التوفيق التجاري الدولي عام 2002.

وهناك عقد البيع الدولي، وهو اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولية للبضائع (فيينا، 1980)، وإضافة إلى كون هذه الاتفاقية معاهدة معتمدة على نطاق واسع، فهي أيضاً المصدر الذي استُلهم منه العديد من القوانين الإقليمية والوطنية. وتتناول اتفاقية البيع كلا من تكوين العقود والتزامات الطرفين، بمُراعاة التوازن العادل بين مصالح المشتري والبائع.

وأعدت الأونسيترال مجموعة من النصوص التشريعية للتمكين من استخدام الوسائل الإلكترونية في ممارسة الأنشطة التجارية وتيسير ذلك، وقد اعتُمدت هذه النصوص في أكثر من 100 دولة. وأكثر هذه النصوص اتنشارا هو قانون الأونسيترال النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية (1996) الذي يضع قواعد تكفل المساواة في المعاملة بين المعلومات الإلكترونية والورقية، والاعتراف القانوني بالمعاملات والعمليات الإلكترونية، استنادا إلى المبادئ الأساسية المتمثلة في عدم التمييز ضد استخدام الوسائل الإلكترونية والتكافؤ الوظيفي والحياد التكنولوجي.

وأرست اتفاقية الأمم المتحدة للنقل البحري للبضائع (هامبورغ، 1978)، المعروفة أيضًا باسم "قواعد هامبورغ" نظامًا قانونيًا موحدًا ينظّم ما للشاحنين والناقلين والمرسل إليهم من حقوق وما عليهم من التزامات،  وتكفل الاتفاقية للشاحنين والناقلين نظاما عالميا ملزما ومتوازنا يدعم تنفيذ عقود النقل البحري التي يمكن أن تشمل وسائط نقل أخرى.