معرض الصين الدولي للواردات

 

تشو شيوان

افتُتح قبل أيام معرض الصين الدولي للواردات أو للاستيراد في شانغهاي بنسخته الخامسة والذي بدأ بالانعقاد عام 2018، وبالنسبة للعديد من شركات العالم يُعد هذا المعرض فرصة ذهبية للولوج للداخل الصيني؛ حيث من خلال المُشاركة في المعرض فأنت تفتح الأبواب للدخول للسوق الصيني، ولهذا تتهافت الشركات من معظم دول العالم للمشاركة في المعرض ليكون لها تواجد في واحد من أضخم أسواق العالم؛ السوق الصيني، وتشارك في هذه النسخة شركات وعارضون من أكثر من 145 دولة ومنطقة ومنظمة دولية بمختلف الأحجام؛ الصغيرة والمتوسطة والكبيرة والعملاقة.

لقد قال الرئيس شي جين بينغ شي، خلال كلمته في مراسم افتتاح معرض الصين الدولي الخامس للواردات: "إن الصين ستدفع الدول والأطراف المختلفة لتقاسم الفرص في سوق الصين الكبيرة، وإن الصين ستعمل على تعزيز التفاعل بين السوقين المحلية والدولية وبين الموارد الداخلية والخارجية، وستقوم بتوفير فرص جديدة مُتتالية للعالم من خلال التنمية الجديدة في الصين، وستدفع ببناء اقتصاد عالمي منفتح". ومن خلال هذه الكلمات نستطيع أن نعرف قيمة المعرض لكونه فرصة للصينين ليتعرفوا على منتجات العالم ويدخلونها أسواقهم، وفرصة للعالم للدخول للسوق الصيني، وأيضًا من خلال كلمة الرئيس الصيني نستطيع أن نتعرف على شكل العلاقة بين الصين والعالم في الإطار التجاري حيث إن الصين تريد أن يتقاسم الجميع الفرص للنهوض بالاقتصاد العالمي والعودة به للمسار الصحيح لكون الصين لها تأثير كبير في الاقتصاد العالمي وجزء لا يتجزأ من استقرار الأسواق العالمية.

لقد بلغ إجمالي حجم الواردات إلى الصين 2.69 تريليون دولار أمريكي في عام 2021، وهو ما يُمثل 11.9 في المائة من واردات العالم، وهذا يبرهن أن السوق الصيني الداخلي سوق ضخم وفيه منافع كثيرة لشركات العالم، والدخول للسوق الصيني فيه مكاسب كثيرة للشركات العالمية ولهذا يجد المشاركون في المعرض الدولي للواردات أن المعرض هو فرصة جديدة للعالم لإعادة الانتعاش الاقتصادي، وخلق التبادلات التجارية مع الصين يمكن العالم من العودة لمسارات التنمية الاقتصادية المطلوبة خصوصًا في وقت يعاني فيه العالم من ركود وصعوبات اقتصادية لا حصر لها، وإقامة هذا المعرض في هذا التوقيت وفتح نوافذ التبادل التجاري بين العالم والصين فرصة أمل لحل بعض من الإشكاليات الاقتصادية العالمية العالقة.

خلال الدورات الماضية للمعرض وأيضًا خلال النسخة الحالية نلحظ أن هناك تزايد في مشاركة العارضين والمستثمرين العرب والهدف الولوج للسوق الصينية الضخمة عبر هذه المنصة الدولية الفريدة. المعرض وعلى مدى نسخه الأربع السابقة، ساهم في دفع التبادلات على صعيدي التجارة والأعمال بين الجانبين الصيني والعربي، وفتح آفاقًا أكبر للترويج لمُنتجات عربية داخل الصين مثل مُنتجات الوردة الدمشقية والشوكولاته اللبنانية وغيرها من المنتجات ومستحضرات التجميل الطبيعي والزيوت والبخور العربية، بالإضافة لمشاركة العديد من الشركات العربية العملاقة والتي تقدم خدمات ومنتجات عالمية من مختلف الدول العربية لتصبح أكثر انتشارًا بين المستهلكين في الصين.

لقد وضعت الصين استراتيجية شاملة لتوسيع الطلب المحلي وتعزيز سوق محلية قوية، وستعمل على جذب الموارد العالمية لتحويل الصين إلى سوق كبيرة يتقاسمها العالم بأسره، وهذه الاستراتيجية يمكن اعتبارها طوق النجاة للاقتصاد العالمي؛ حيث إنه لا توجد استراتيجية عالمية منافسة للاستراتيجية الصينية، وفي وقت يغلق الجميع أبوابه أمام العالم تأتي الصين لتفتح أبوابها للعالم ولشركات العالم ليكونوا جزءًا من الاقتصاد الصيني، وعندما تنجح الصين في مساعيها لتطوير وتعزيز قوة السوق الداخلي سيكون العالم أمام فرصة كبيرة للانتعاش والصعود الاقتصادي الإيجابي.

معرض الصين الدولي للواردات، ليس مجرد معرض للتبادل التجاري؛ بل هو فرصة للتبادل المعرفي والثقافي والإنساني بين دول العالم، حيث إنه من خلال المشاركة في المعرض يستطيع العارضون والمشاركون عرض تجاربهم التنموية من خلال منتجاتهم وخدماتهم والاستفادة من تجارب الآخرين ونقل التجارب الناجحة، وأيضًا المعرض فرصة للتعرف على الصين وطبيعة سوقها المحلي وما تحتاجه من خدمات ومنتجات عالمية، وأيضًا يُعد المعرض أحد أهم الفرص العالمية لزيادة حجم الطلب وفتح أسواق جديدة ولهذا نجد أن المعرض فرصة جديدة للعالم للتناغم من السوق الصيني والتقرب من الأسواق الصينية وما تطلبه هذه الأسواق وقدرتها على استيعاب الكثير من المنتجات من حول العالم، وعندما نتحدث عن السوق الصيني فأنت تقف أمام أكبر سوق محلي في العالم والأكثر طلبًا ولهذا يأخذ هذا المعرض اهتمامًا كبيرًا من قبل المشاركين الدوليين لعرض منتجاتهم وآخر تطوراتهم الإنتاجية والخدمة للصينيين.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية