المقامة العربية (الأخيرة)

 

 

سعيد المغيري

قال أصحاب ابن المهاب: "انظر من عاد من الاغتراب، وزارنا بعد طول غياب!"

كان العائد عمر الشاذلي: مندوب البلاد الأزلي في جامعة الوطن العربي. فاستقبل مسلم أبا موسى بالأصول، ورد عمر كعادته بكلام مصقول.

ثم بعد الترحاب، قال ابن المهاب: "أرى برأسك ضيفا غير محتشم! هل زارك بسبب الحب وما غشم؟ أم هي الدنيا وما إليها من عشم؟"

فقال الشاذلي: "بل من هموم بلاد العرب، وما بها من خلاف وحرب."

فقال مسلم: "يا أبا موسى للحديث بُت، وقل ماذا من أخبار جامعتنا جبت."

فقال عمر: "جامعتكم من تحت لتحت. وأعضاؤها من تخت لتخت."

فقال مسلم: "بئس ما جبت. وهل إعلامنا لتصحيح الأمور بت؟"

فقال أبو موسى: "كلا. فهم مشغولون بأخبار ذيك الست وتلك الست"

فقال مسلم: "بئس ما جبت. اللهم مما عليه إعلامنا تُبت. طيب هات لنا علوم الصومال، وما جديدها من الأخبار؟"

فقال الشاذلي: "الصومال انقطعت عنَّا أخباره، مثلما انقطعت عنكم موزه وثماره".

فقال ابن المهاب: "عظم الله أجرنا فيها، ورحم شعبها، وأبدلها جامعة خيرا من جامعتها. طيب وأخبار جزر القمر؟"

فقال عمر: "جزر القمر بعيدة عن النظر، بعيدة عن الخبر".

فرد مسلم: "وجيبوتي التي على باب المندب، ويش عدلت بعد الفرنسي المنتدب؟"

فقال الشاذلي: " صارت على باب رب العالمين؛ فالعرب مثل ما تعرف نائمين."

ثم قال مسلم: "وسوريا؟ هل ما زال مقعدها شاغر؟ وهل مازال العرب يتعاملون معها بفم فاغر؟" 

فقال أبو موسى: "الجزائر أرسلت لها الدعوة، فردت سوريا بالشكر على هذه الخطوة، والاعتذار عن حضور هذه الدورة عشان خاطر باقي الإخوة."

فرد مسلم: "لله درّهم. وما كان العرب ردّهم؟"

فقال عمر: "قال العرب: يا سوريا، حبيناك قبل الثورة، وحبيناك بعد الثورة، وعيون الثورة، نحن لك عروة، وبكرة لما تعودي من الكبوة، سنشد أزرك بقوة، حتى تنسي ما كان منَّا من جفوة."

فقال ابن المهاب: "هذا فعل حميد. عسى يُكتب له التوطيد. طيب وهل من جديد، عن اليمن السعيد؟"

فأجاب الشاذلي: "هدنة اليمن من تمديد إلى تمديد، وهذا لا شك فعل رشيد، يبشر بغد يعود فيه اليمن سعيد، حيث التنمية والتشييد."

فقال مسلم: "ومتى غده؟ أقيام الساعة موعده؟"

فأكد عمر: "فعلاً طال الأمر. ولكن الموضوع واصل عند طويلي العمر، فعليك بالصبر، حتى يأتيك حلو الخبر من السادة طويلي العمر، بعيدي النظر."

ثم سأل مسلم: " وليبيا بعد معمر. ماذا تغير فيها؟ وماذا تعمر؟"

فضحك أبو موسى، وقال: "من سخرية الأخبار، أن العقيد على أيامه سعى لتوحيد الأقطار، واليوم ليبيا بسبب الساسة وخلفهم الأنصار، تعيش زمن الانشطار."

ثم تساءل ابن المهاب: "والمواطن الغلبان؟ هل له حضور في جامعة العربان؟"

فقال عمر: "مثلما للجامعة مواقف كثيرة للعربيات، لها كذلك مواقف للمواطنين والمواطنات؛ فحتى من غلاء الأسعار بشكل مهول، باعت الدول بعض الأصول، ورفعت الدعم عن البترول، وقالت: إلا ما للمواطن الكريم من مدخول، فهذا خط أحمر مسّه غير مقبول."

فقال ابن المهاب: "لله درها. ولا تنسى الخصخصة، وما سببت من خضخضة. ولا تنسى الضرائب، بعدما كان المال سائب. طيب وأخبار مراسلات العرب مع دول الشرق والغرب؟"

فقال الشاذلي: "بايدن أرسل بلاغ، قال فيه: يا شعوب الغترة والشماغ، لن نسمح لروسيا بملء الفراغ. فجاء من أوبك الجواب، على شكل براميل، لخبطت الحساب. فنزل الخبر كالصدمة، وطارت عن بايدن الفرحة، وبكى حزنا على انتخابات نصف فرخة!. أما بوتين في يوم ميلاده سئل تريد الكيف أو الهيف؟ فقال بل أريد السيف، والعيد القادم في كييف. و الاتحاد الأوربي، فتركيزه منصبّ على الحياد الكربوني وعلى الحياد الجنسي: فمن جهة يسعى الاتحاد لتجميع الجهود، لخفض استخدام الوقود. ومن جهة أخرى يعمل بكل ما أوتي من نفوذ، لنشر آفة الشذوذ! والصين مشاريعها مثل الأفيون؛ تصحى، تلقى عمرك مرهون، وإلى أذنك واصله الديون! وإيران جارة، تصدر الثمرة بنكهة الثورة! والهند تركت كل المشكلات، وتوجهت لمنع الصلوات! وفي تركيا أردوغان منشغل، بإعادة مجد أرطغرل!"

ثم قال مسلم: "يا أبو موسى أرى أن عالمنا كثر فيه الجدال، الذي هو من نوع الجنجال، كما قال البنغال. دعنا من القيل والقال، و دعني أختم بسيرة الأبطال. عن فلسطين، التي أخبارها تكون من المقاومين: أبطال المعارك والميادين."

فقال عمر: "يا ابن المهاب ماذا أقول؟ وبعض العرب منهم الخذول!"

فقال مسلم: "الله المستعان. ما تركتموني أحلم وأنام بأمان، ولا أسمعتموني ما يسر الآذان!"

"كنت أنتظر أنباء تسعد أصحاب الدخل المحدود، طلع تركيز الجامعة منصب في الحدود وترسيم الحدود!"

"كنت أنتظر تجي حكومة تسر المواطنين والعمال، فجاءت حكومة تسيير أعمال!"

"كنت أنتظر ظهور إمام عادل يرفع الجامعة العربية، فظهر عادل إمام يقول: أنا الجامعة العربية!"

تعليق عبر الفيس بوك