تشو شيوان **

أنظار العالم اتجهت للصين خلال الأيام الماضية لمتابعة انعقاد الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني والتي بدأت يوم الأحد في بكين، وقد عرض  الرئيس الصيني شي جين بينغ تقريراً نيابة عن اللجنة المركزية الـ19 للحزب؛ حيث اجتمع أكثر من ألفين وثلاثمائة نائب منتخب ونائب خاص في بكين.

وخلال المؤتمر الذي يستغرق سبعة أيام، من المتوقع أن يستمع النواب إلى تقرير للجنة المركزية التاسعة عشرة للحزب الشيوعي الصيني ويراجعونه، إضافة إلى مراجعة تقرير عمل للجنة المركزية التاسعة عشرة لفحص الانضباط للحزب، ويناقشوا مسودة تعديل لدستور الحزب ويجيزونها.

ومن وجهة نظري أن أكثر ما يهم الصينيين والقيادة الصينية في هذا المؤتمر ليس الرسالة التي ترسلها الصين للخارج إنما الرسالة التي ترسلها القيادة الصينية لشعبها حيث إن مسار التنمية وتحسين حياة الناس وخصوصاً ذوي الدخل المحدود هو الأهم بالنسبة للصينيين، وما يوكد وجهة نظري هو حديث الرئيس الصيني في التقرير الذي ألقاه يوم الأحد خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، حيث قال بأن "الدولة هي الشعب، والشعب هو الدولة... إن حكم البلد له قواعد وجذورها إفادة الشعب، والسعي لإسعاد الشعب هو المطلب الجوهري لبناء الحزب من أجل المصلحة العامة وممارسة الحكم لخدمة الشعب"، ومن خلال هذا الكلام نجد أن الرئيس الصيني يؤكد مرة أخرى على تركيز القيادة الصينية على الشعب الصيني وتحسين حياته ومعيشته، وتوضيح أن الحكومة هدفها ومساعيها وجهودها متركزة على الشعب ومصالحه قبل أي شيء، وأنه مهما كانت الأوضاع العالمية متوترة إلا أن الصين تركز على تنميتها الداخلية بشكل أساسي.

الصين حققت الكثير من الأهداف في مسألة القضاء على الفقر، وهنا تأتي قرارات الحزب للمحافظة على المكاسب وتحسين حياة الشعب بشكل أفضل وأشمل، والصينيون ينتظرون هذه القرارات لثقتهم بأن الحكومة الصينية لديها ما هو جديد وما هو مهم في هذا الخصوص، وقد أوضح الرئيس شي أن الأهداف التنموية العامة بحلول عام 2035 تشمل زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير ليكون على قدم المساواة مع بلد متقدم متوسط المستوى، وهذا ما ستركز عليه الحكومة الصينية خلال الفترة القادمة لتفي بوعودها أمام الشعب.

وبلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين 18.5% من الاقتصاد العالمي، بزيادة 7.2 نقطة مئوية على مدى السنوات العشر الماضية، وقد أصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وشريكة تجارية رئيسية لأكثر من 140 دولة ومنطقة لتقود العالم من حيث إجمالي حجم التجارة في البضائع، كما انضمت الصين إلى صفوف المبتكرين في العالم بتحقيق اختراقات في بعض التقنيات الأساسية في مجالات رئيسية، ومن خلال فلسفتها التنموية المتمركزة حول الشعب، قامت الدولة ببناء أكبر أنظمة تعليم وضمان اجتماعي ورعاية صحية في العالم، وهذه الإنجازات كافة سنجد تعميقاً قوياً لأساسياتها وجذورها في قادم السنوات.

وخلال السنوات المقبلة ستعمل الصين على تعزيز القوة الناعمة الوطنية بشكل كبير، وتكثف الجهود لخفض انبعاثات الكربون بشكل مطرد بعد الوصول إلى ذروة الانبعاثات، فضلًا عن تعزيز نظام وقدرات الأمن الوطني بشكل شامل، حيث أن الحزب الشيوعي الصيني يريد تحقيق أهداف خطته لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل، وبناء نظام اقتصاد سوق اشتراكي رفيع المستوى، ودفع ديمقراطية العملية الكاملة الشعبية، وتنفيذ إستراتيجية التوظيف أولاً، إضافة إلى ممارسة الحوكمة القائمة على القانون على جميع الجبهات، إن هذه الخطط والأهداف كافة هي نموذج القيادة الصينية لقادم السنوات، وهذه هي الدلالات التي تريد الصين التركيز عليها خلال هذه الدورة من المؤتمر؛ حيث إنها تريد إيصال رسالة للعالم أن الصين ستقوم بتعزيز تنميتها الداخلية وتوسيع انفتاحها على الخارج باستمرار، وسيواصل الحزب الشيوعي الصيني الاتحاد مع الشعب الصيني وقيادته لخلق مزيد من الإنجازات التنموية ومستقبل أفضل وضخ الطاقة الإبداعية لتعزيز السلام والتنمية في العالم.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية