تشو شيوان **
خلال الأسبوع الماضي شاركنا نحن مجموعة الصين للإعلام، في منتدى الإعلام العربي في دبي، وضمن جلسات المنتدى كان الكثيرون يوجهون سؤالًا مهمًا ألا وهو؛ كيف ينظر الإعلام الصيني للشرق الأوسط سواء دوله وأنظمته وتطوراته وحتى أحداثه وقضاياه؟ وأودُ في هذا المقال أن أجيب على هذه التساؤلات وأوضح كيف يتعامل الإعلام الصيني مع تطورات الأحداث في الشرق الأوسط.
بعيدًا عن المثاليات، لكن ثمَّة حقيقة يجب أن أوضحها أننا كإعلام صيني ننقل الأحداث في الشرق الأوسط كما هي، ننقلها بدون أي تشويه أو فبركة كما تفعل بعض وسائل الإعلام الأخرى، وأيضًا نحاول دائما أن يكون رأينا محايدًا كي لا نفتعل أو نثير المشاكل؛ بل على العكس تمامًا، دائمًا ما نصور الشرق الأوسط أن له طبيعته الخاصة، وأن فيه ثقافة وتاريخ كبير جدًا، وأن شعوب المنطقة شعوب فيها من الصفات الجميلة الكثير، ولديها قصص وعادات وتقاليد يجب نقلها وتسليط الضوء عليها.
في الشرق الأوسط، الكثير من القصص التي يشع منها النور، وهناك الكثير من الدول المتقدمة والمتطورة والتي تسعى لكي تصل لمصاف الدول المتقدمة، وهناك جهود مضنية في تطوير منظومات التعليم والصحة وتوفير الحياة الكريم، ونحن ننظر لهذه الجهود على أنها حقوق إيجابية مشروعة لكل شعب ولكل قيادة ولا ننظر أبدًا لمسيرة التنمية في الشرق الأوسط على أنها مزاحمة أو منازعة للقوى العالمية كما يصورنها في بعض وسائل الإعلام الغربية، والتي تحاول أن تستغل أي مناسبة أو أي حدث للزج بدول الشرق الأوسط لتصورها على أنها سبب في مثل هذه الأزمات، وهذا بعيد عن الحقيقة تماماً، هذا الأسلوب ليس أسلوبا إعلاميا متزنا، بل هو أسلوب ابتزاز إعلامي عقد الكثير من الأمور، وأخر العديد من مسيرات التنمية وأزم المشاكل وأثار الصراعات، ونحن كإعلام صيني لا نفعل هذا أبداً ومن سياساتنا الداخلية أن لا يقوم أي صحفي أو معد بزج الأكاذيب في أي تقرير أو تحليل إعلامي.
وأيضًا نحن كإعلام صيني نهتم بتاريخ وحاضر ومستقبل دول المنطقة، ونعلم مثلاً أن سلطنة عُمان هي لؤلؤة في الخليج العربي ولها تاريخ طويل وكانت- وما زالت- واحة للاستقرار، ونعلم أن دولة الإمارات دولة متطورة ومتقدمة، وأن السعودية دولة لها مكانة خاصة لدى العرب وتسعى لبناء مستقبل مشرق حالها كحال البحرين وقطر، وأيضاً نعلم أن اليمن أصل العرب وأن سوريا بُني على أرضها أقدم الحضارات مثلها مثل مصر أرض الفراعنة، ونعلم أن الأردن بلد النشامى وجارة لفلسطين صاحبة القضية المهمة، وأن العراق دولة الحضارات وبلد العلم والمفكرين ونتمنى أن تعود وتتخلص من المشاكل الداخلية. هكذا نرى الشرق الأوسط ونحترم جميع الثقافات والدول ونسعى لتعريف الصينيين بهذه القصص وننقل لهم تاريخا عريقا يستحق التعريف به.
ورغم أن هدفنا كإعلاميين صينيين من تواجدنا في المنطقة هو تغطية الأحداث المهمة التي تحدث في المنطقة، إلّا أن لدينا أهداف أخرى أهمها تعميق الشراكات مع وسائل الإعلام العربية لتعريفهم بالصين وبالسياسة الصينية، وأيضاً تعريفهم بالثقافة الصينية وكيف أن هناك ترابطًا وتشابهًا بين الثقافة الصينية والثقافة العربية، وحتى إن هناك الكثير من العادات والقيم التي نتشارك فيها بشكل كبير، وأيضاً من أهدافنا فتح جسر للتواصل بين شعوبنا والتركيز على أهم مُنجزاتنا ونقل ثقافاتنا المشتركة لكلا الطرفين، وأيضا من أهدافنا أن نقوم بتعميق الروابط السياسية من خلال التركيز على تطلعاتنا المستقبلية المشتركة.
وكما قالت الأستاذة فائزة تشانغ لي المديرة التنفيذية للمكتب الإقليمي لمجموعة الصين للإعلام في الشرق الأوسط خلال جلساتها في منتدى الإعلام العربي إن العالم أصبح أكثر تشابكًا، وإنه بات مطلوبا من المؤسسات الإعلامية العمل سويًا والترابط لمواجهة التحديات الداخلية والعالمية، وتغيير بيئة العمل للانفتاح على الآخر؛ لأن ذلك هو المستقبل الذي يعتمد على المشاركة لتحقيق المنافع والمكاسب المشتركة.
في الحقيقة.. هذا هو جوهر عملنا كإعلام صيني، نحن نعمق الشراكات لنركز على الإنجازات، لنفتح الباب أمام تجاربنا العلمية والثقافية والاقتصادية والتربوية وحتى الاجتماعية وأن نستفيد من تجاربنا المشتركة لبناء مستقبل أفضل لنا جميعًا، فهدف الإعلام الأساسي أن يدفع المجتمعات نحو الأفضل، وأن يُسلط الضوء على القيم والتجارب الإيجابية ويحاول تقريب وجهات النظر حقناً للدماء وللبعد عن المشاكل، وهذا ما نحاول أن نقوم به ونأمل أن يفهم الإعلام دوره وأساسه ليكون جزءًا من الإنجازات لكل دولة ومجتمع.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية