المعتصم البوسعيدي
عزفَ السيب مقطوعتهِ "الغرب آسيوية" بسلطنةٍ عُمانيةٍ تحتَ قيادة "المايسترو" رشيد جابر، ووسط جمهور أصفرَ بشعاعِ البهجةِ البهي، واخضرَ بسعادةِ الزهرِ الندي، وقد "ملك" الإمبراطور ساحتهِ، وحلقَ الصقر بهامتهِ، ولمعَ "الشهاب" بمهابتهِ، فكانَ الماء الهادر واسع التدفق رهيبا، طعمهُ عذبٌ من سُكرٍ وحليب.
فوزُ السيب درسُ المواهب العُمانية التي تستحقُ الاعتناء، وبوصلةُ الاتجاه نحو الطريقِ الصحيح "لمن ألقى السمع وهو شهيد"، ففي هذه الأرض رياضة، وعلى عليائها نجوم تحتاج لمن يأخذ بيدها إلى فضاءاتٍ أرحب، لا أن يُمسكها عن المُضي قدمًا، ولكن هل ثمَّة حياة لمن ينادي؟ وهل ثمَّة حيٌّ يستمع ويشاهد ويُكافئ؟ وأسئلةٌ حائرةٌ تنتظر الإجابات، وتهمس في الأذن جرس إنذار في لحظةٍ لا نريدُ تعكير صفوها الجميل.
ارتوينا من "عين عذاري" لنجني من "غرب آسيا" كأسها المفقود، والوجهة "بلد الألف مدينة" لقطفِ "نجمة الشرق" أو معقل العملاقين "بتروناس" لنشرب كأس القارة المنشود، وقد "مَلأْنَا (الحلم) حَتَّى ضَاقَ عَنَّا" ونرجو أن يتسعُ لنا الواقع لنكون في مقاماتِ الأسود، حتى وإن كان الزحام على عتباتِ الدنيا الصغرى؛ فالعين يبزغُ نورها كلما لمحت - بعد سفر شاق- بداية الحدود.
الرسالةُ الآن واضحة السطور، ومن لم يلتحق بالركبِ فالقطارُ لم ينهِ العبور، فالبدار البدار يا قطاع خاص هذه فرصتهُ الذهبية، ويا قطاع عام هذه جولتهُ الوطنية، فالسيب لبِسَ ثوب الوطن، وهو وطن "وعمر السيب ما يدمع" وإن دمع؛ فدموعه لفخرٍ كسبهُ بيديه، وبيديه يحملُ آمال أجيال أضناها التعب وأرهقها التعلل، ومن لا يحبُ استثمار الفرص، "يعش أبد الدهر" في فقر مدقع!
الكرةُ العُمانية اليوم ليست على مفترق طرق، هي في الطريق الذي تريد ولن يجد جديد بفوزِ السيب أو دون ذلك، إلا أنها على موعدٍ لكتابة تاريخ جديد لبطولةٍ قاريةٍ مهما كانت الُمسميات والعناوين، وعزفُ السيب ليس حكاية "فلوس" تطايرت لأجلها كحيلات العيون، بل لعمل نادٍ لم يكن يومًا عجولاً للحصولِ على شهرةٍ آنية؛ فتلكَ القمة تليق به، أتتهُ راضيةٌ حانية، "فتسلطن" عيد ورفاقه، والثمارُ قطوفها باتت دانية.