هل أصبحت العصمة بيد العمالة الوافدة؟

 

طالب المقبالي

muqbali@gmai.com

 

سؤالٌ يتردّد بين النَّاس، بعد أن استولت العمالة الوافدة في بلادنا على جوانب عديدة من التجارة، وعلى وظائف كانت مُتاحةً لأولادنا، فأصبح المواطن يطلب من الوافد تشغيله في "هايبر ماركت" يمتلكه الوافد، فيمُنّ عليه الوافد بمبلغٍ شهريٍّ دون الحدّ الأدنى من الأجور المعمول بها في بلدٍ يشهد نموًّا في الإيرادات النفطية والغاز؛ فيضطّر المواطن لقبول هذه الوظيفة، ليستطيع من خلالها توفير مبالغ سيارات الأجرة، لمُلاحقة الوظائف التي تُنشر عبر الوسائل المختلفة.

هناك إعلانات تُنشر عبرَ مختلف وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي للخرّيجين الجُدد في الهند، للعمل في سلطنة عُمان، في القطاعات النفطية وفي قطاعات أخرى، بينما وزارة العمل تعيّن قُدامى الخرّيجين مِمّنْ مضى على تخرّجهم عشرات السنين، وقد عملوا وأقاموا مشاريعهم الخاصة، وتزوجوا وأصبحت لديهم عائلات، وتأتيهم الوظيفة كمكمّلٍ لما تحققه مشاريعهم من مداخيل.

كما ظهرت مشكلة بعد السماح بانتقال العمالة من كفيل إلى كفيل آخر بعد انتهاء عقد العمل دون أخذ مُوافقة الكفيل على الانتقال، وكأنَّ العصمة أصبحت بيد الوافد. وهذا الأمر قد أدى إلى عدم استقرار صاحب العمل في مشاريعه التي تتطلّب عمالة مدرَّبة لإتقان العمل.

هناك من أرباب العمل من يتكبدون مبالغ باهظة لاستقدام العمالة من الخارج، وتدريبها على العمل الذي استُقدمت من أجله، فبعد مضيّ سنتين، وقبل أن يسترد الكفيل الخسائر والمبالغ التي تكبّدها لاستقدام العامل وتدريبه، تتاح الفرصة للوافد للانتقال إلى عمل آخر وإلى كفيل جديد لم يخسر شيئًا في تدريب ذلك العامل، وإنما وجد عمالةً جاهزة ومُهيّأة للعمل في أي نشاط مماثل، فأين حقوق صاحب العمل الذي تكبّد أموالًا طائلة لاستجلابهم، فهناك مكاتب تتفاوت تكلفتها من خمسمائة ريال إلى ألف ريال، إضافة إلى قيمة تذكرة السفر، والفحوصات الطبية في البلاد، وما إن يَحضر العامل إلى البلاد، تبدأ سلسلة أخرى من الإنفاقات التي تصل في نهايتها إلى ما يقارب ألف وخمسمائة ريالٍ عمانيّ، ثم تبدأ في تدريبهم مستغرقين أكثر من ثلاثة أشهر كي يتقنوا العمل، بحيث لم يتبقَ من العقد الأول سوى 21 شهرًا، وعند انتهاء عقده تقوم وزارة العمل بتغيير كفالته لشخص آخر دون تعويض صاحب العمل السابق عن الخسائر التي تكبّدها في استقدام هذا العامل وتدريبه.

نعم، هناك استغلال للعَمالة من قِبل بعض أرباب العمل، وإذلالهم بعدم صرف مستحقاتهم، وفي حال رغبتهم بالانتقال إلى كفيل آخَر، يمتنع الكفيل عن إعطائه التنازل، وفي حال المُغادرة، يتطلّب أن يمكث خارج البلاد لمدة سنتين.

في هذا النظام كان الإجحاف بحق العامل، إلا أن الأنظمة المعمول بها كانت تكفل للعامل حقه في التقاضي لنيل حقوقه، أما النظام الجديد فقد منح العامل الوافد كل الحقوق، وتم الإجحاف في حق أصحاب العمل، والمتضررون هم أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة دون غيرهم.

ومن هنا يتوجب إيجاد آلية منصفة للطرفين تضمن حق العامل وحق أرباب العمل.

ففي حال طلب العامل مغادرة المؤسسة التي كان يعمل بها بعد انتهاء العقد، يشترط على العامل أو المؤسسة التي يرغب الانتقال إليها تحمل كافة المبالغ التي أنفقها الكفيل مُقابل استقدامه وتدريبه، ويكون التنازل ملزمًا على الطرفين في حال توفر هذا الشرط.