عائض الأحمد
يتساءل البعض وهل هذه الحياة القصيرة، تستحق منِّا كل هذا؟ من الجميل حقاً أن تبدأ بتساؤل وما العيب في ذلك السؤال الذي يفتح أفقا أوسع ويطرح جوابا قبل معرفة السؤال أصلا، فالبعض منا لم يأتِ ليفهم أتى ليقول ما لديه ومن الأفضل أن يسأل أولا هل كل ماحولي يستحق دراسة جدوى أم ماهو أبعد كالتخطيط الاستراتيجي، بلغة المال والأعمال!
أعتقد أنَّ الجواب نعم، حدد هدفك وادرسه جيدا، ثم أتبع خطواتك كما تقول كراستك، وليس كما تأخذك عاطفتك، ولما إن كان هدفك بناء أسره فقط، قد يكون ذلك ولكن ماذا بعد، وإن كان هدفك شهادة جامعية فليكن وبعد، وإن كان منصبا فأين وكيف، إنها دعوة لتفعيل دراسة الجدوى من كل هذا، أو السير على رؤوس الحراب والتعثر بين الحفر، وجمع أشواك القدمين، وانتظار التئام جروحها.
يقول صديقي القديم "مسعود": أحمد الله كثيرا بأنني من مواليد السبعينيات، ولم تقع عيني على مثل هذا، وإلا لكنت الآن وحيدا أدرس جدوى كل ما لحق بي، ولو عاد الزمان لتبنيت "التخطيط الاستراتيجي"؛ لأنه يُفعِّل دور بالون الاختبار من آن لآخر، وكما تعلم النفس البشرية تتوق لبعض الأشياء دون أن تتمنى بقاءها فترة أطول بعد ظهور المنغصات والتأفف قبل التكيف الكامل مع ردة الأفعال الغريبة عند البعض، الاستراتيجيات تتغير وفقا لمعطيات الواقع دون النظر إلى الأضرار المتوقعة حاليا، قياسا بما سيقع مستقبلا وعليه فقرار الضرر أخف وطأة من مستقبله إن استمر ياصديقي، فمضى الآن قبل جرف الغد.
ثم اتكأ وأخذ نفسًا عميقًا، وقال: أتمنى يا صديقي أن تُفعّل بند الإخلاء المشترك وقت الأزمات، فالرحيل مستحب عند الشعوب الباحثة عن المراعي والأمطار وزهور الربيع، دون أن تؤمن بأنَّ الأرض ملكها والمحيط محيطها، إيمانهم براحة وطمأنينة الوجود خيرٌ من الوجود نفسه، فتجدهم رحل بين الماء والربيع، و"الصبار" دليل حياة صعبة تنشد رياحًا موسمية تنعش بقايا صيف لاهب، تخيلت معي كل هذا، فأين ستضع قدميك؟
وأعلم وتيقن، أنه ليس بالضرورة أن تكون الجموع دائمًا مُحقة، فعالم يسوده الكذب والنزاع هو خيار جماعات تظن بأنها الأجدر والأقوى والأكثر حكمة، تلك أساطيرهم وهذا ماوجدوا عليه آباءهم ونحن له حافظون.
وبما أن الإنسان يستخدم 10 بالمئة من عقله وقدرته، فلماذا لا يرهن جزءًا منها لدراسة أو تبني حكمة أو نظرية ليستمتع بجدل من حوله وغوغاء حديث نفسه، ويكسب رهان عقله الباقي.
ختامًا.. السعادة ليست شيئا تستطيع أن تجلبه معك وقتما تشاء، وليس لديك القدرة على أن تمنعه عمن تشاء، و"النسبية" أقرب لتعريفها، والأكثر جدلًا من ذلك إن حاولت.
***
ومضة: حينما يتلبسك شيطان الغدر، ارحل غير مأسوفٍ عليك.. "الوجودية" مذهبك تأتي وترحل دون أن تترك عنوانًا.
يقول الأحمد: تتوارى خلف صنائع تفضحها، ظنًا منها برجاحة عقلها، دون أن تعي أن هناك من يبتسم ويردد "استري عورتك"!