تشو شيوان **
اتجهت أنظار العالم خلال اليومين الماضيين إلى الاجتماع الـ22 لمجلس رؤساء الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون؛ الاجتماع حضره العديد من القادة العالميين على رأسهم الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى جانب رؤساء الدول الأعضاء بالمنظمة، ومن بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيائيف، والرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف، والرئيس القيرغيزي صدير جاباروف، والرئيس الطاجيكي إمام علي رحمن، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، ورؤساء الدول المراقبة بينهم الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، والرئيس المنغولي أوخنا خوريلسوخ، والضيوف للرئيس الدوري بينهم الرئيس التركماني سردار بيردي محمدوف، والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والعديد من ممثلي المنظمات الدولية والإقليمية المعنية.
ومنظمة شنغهاي للتعاون تأسست في عام 2001؛ بهدف تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء، وسرعان ما توسعت الدول الأعضاء ودخل بعض "شركاء الحوار"؛ لتصبح المنظمة تمثل دولًا يمكننا القول إنها تمثل أكثر من نصف سكان الأرض، وبات اجتماعها السنوي يأخذ زخمًا سياسيًا وإعلاميًا كبيرًا. ولعلَّ اجتماع هذا العام جاء في وقت ينتظر فيه العالم تصريحات مهمة بشأن الأوضاع العالمية، خصوصًا وأنَّ العديد من القادة ممن حضروا الاجتماع لهم تأثيرهم الدولي والبعض منهم لهم علاقة مباشرة بالأزمات والصراعات التي تشغل العالم حاليًا.
جاء الاهتمام باجتماع هذا العام لأنه تزامن مع قيام الرئيس الصيني شي جين بينغ بالخروج من الصين في أول زيارة رسمية له خارج الصين منذ تفشي وباء كورونا، ولكن لكون المنظمة واجتماعاتها وأجندتها لها أهمية لدى الصين ولدى الدول الأعضاء، فكان لا بُد من تواجد الرئيس الصيني وكان لابُد أن يلتقي قادة الدول وجهًا لوجه، وتبادل وجهات النظر فيما هو صالح لشعوبهم ولقضاياهم المشتركة.
ولأنَّ العالم يشهد مُتغيِّرات مهمة خلال هذه الفترة، وإيمانًا من القيادة الصينية بأن منظمة شنغهاي للتعاون يجب أن تقوم بدورها في تعزيز التعاون والانفتاح، فقد أكد الرئيس الصيني "أنه في الوقت الراهن، تتسارع وتيرة التغيرات الكبرى التي لم يشهدها العالم منذ 100 سنة، ويدخل العالم مرحلة جديدة من الاضطراب والتحول. يقف المجتمع البشري عند مفترق الطرق وأمامه تحديات غير مسبوقة. وفي ظل الظروف الجديدة، ينبغي أن تقوم منظمة شنغهاي للتعاون كقوة بناءة مهمة في الشؤون الدولية والإقليمية بمواجهة تقلبات الأوضاع الدولية بشجاعة والتمسك بالتيار العصري بثبات وقد وقَّع وأصدر قادة الدول الأعضاء "بيان سمرقند لمجلس قادة الدول الأعضاء بمنظمة شنغهاي للتعاون". وخلال الاجتماع كما تمَّ إصدار بيانات ووثائق متعلقة بصيانة أمن الطاقة الدولي والأمن الغذائي الدولي ومواجهة تغير المناخ والحفاظ على الأمن والاستقرار والتنوع لسلاسل الإمداد، وهذا كله يؤكد أنَّ منظمة شنغهاي للتعاون منظمة عالمية تهتم بأبرز الملفات الدولية التي تتطلب التكاتف والعمل المشترك لحلها والوصول لحلول تتناسب مع الجميع وبشكل فعلي.
عاما بعد عام تؤكد منظمة شنغهاي للتعاون أنها منظمة أوراسية تهتم بدول المنطقة من منظور عالمي، وتفتح المجال أيضًا للعديد من الدول من خارج الدول الأعضاء لأن يكونوا شركاء للحوار، الذي يهدف إلى سماع أصوات العالم والسماح لهم بأن يدلوا بدلوهم في مختلف القضايا والملفات، ولعل مشاركة جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية ودولة قطر ومملكة البحرين وجمهورية المالديف ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت وجمهورية اتحاد ميانمار كشركاءِ حوارٍ جددٍ، يؤكد سعي المنظمة للانفتاح على العالم والدخول في شراكات مع مختلف الدول من مختلف المناطق في جميع أنحاء العالم.
دول الشرق لديها الكثير من الأمور المشتركة، ولدينا قوة اقتصادية وسياسية قادرة على التأثير العالمي، ومن وجهة نظري فإنَّ منظمة مثل منظمة شنغهاي للتعاون قادرة على توحيد وجهات النظر، وأن تفتح آفاق التعاون على مصراعيها لدولنا ولشعوبنا، وبالإمكان أن نستفيد من خبراتنا ومميزاتنا البيئة والجغرافية والتنموية والعلمية لصناعة مستقبل جميل يليق بتاريخنا وقيمتنا الحضارية.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية