رغباتنا

 

سارة البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

 

تضج في مخيلتي فكرة أن أمتنع عن الطعام لمدة أسبوع أو أكثر فعلت ذلك سابقاً ولكن لمدة ثلاثة أيام فقط كنت أتحدى نفسي إن كنت سأتمكن من مقاومة رغبتي وفعلتها ثلاثة أيام بدون أية طعام فكان هذا ما يسمى بصيام الماء، عاودت التجربة ولكنني في الليلة الثالثة أضعف وأشعر برجفة غريبة وبحاجتي الماسة للطعام لكنني ومن تلك اللحظة الفاصلة؛ لو أكملت لكنت قد تغلبت على مخاوفي وعلى رغبتي بتناول الطعام وكانت لحظة مهمة.

أعيد ترتيب أفكاري في سكن خاص للبنات وأجلس بهدوء تام أفكر وأفكر ولا أتذكر إلا صوت أختي وهي تناديني للغداء ولكنني لا أهتم لصوتها.. أين صوتها الآن! أنا أفتقد صوت أختي كثيرا وابتسامتها الغريبة لكنني يجب أن أكبر ويجب أن تتغير الحياة وأن أواصل دراستي وأن أترك أختي وحيدة.

كانت أمي تعد العصيدة التي أحبها كثيرا وكانت طبقي المُفضل منذ أن توقفت أمي عن ذلك وحياتي لم تعد كما كانت بت أشتاق لطعم العصيدة من يد أمي وأكره أي عصيدة أخرى، حاولت مرارا تعلم طريقة إعدادها لكنني فشلت ليس لأنني فشلت حقا بل لأنها لم تعدها أمي!

كانت أصواتنا تعلو على الشاطئ وكنا نغني على الإطار الذي طفا ورمته الأمواج وكنت في الصف الثاني الابتدائي وكنا ننشد أناشيد شعبية كثيرة من ضمنها: غزالة غازلوكي .. غزالة غزولكي

‏بالماي دعبلوكي

‏قاعده على الشط

‏قاعده تمشط

‏أجاها رومي

‏قالها قومي

‏قالت له  ما أقوم !؟

‏هذا حصاني أشده وأركب

‏على السكركب ..

وكلمات لم أعد أذكرها كلعبة: سي سي مي مي ري ري ابنانز سندويك جلاس فور ووووو .. فتحي وردة وغمضي ياوردة .. إلخ

لم أتوقع يوما أن أرى هذه اللعبة على المناهج العمانية بشكل غير اعتيادي نحن لا نختلف أننا لعبنا وأنشدنا وغنينا وعشنا طفولة جميلة قد يكون يفتقدها الكثير من أطفال هذا الجيل ولكن ليس بهذه الطريقة وليس بهذا الشكل وإن كان المؤلفون يقصدون أن يعيش هؤلاء الطلاب بعصرٍ ليس عصرهم فهذا ما حدث ولو استبدل ذلك النشيد التقليدي بنشيد آخر يحمل معاني تهتم بالأخلاق والآداب العامة أفضل من تعليم الأطفال بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على الغزل والتغزل! عندما أفكر وأتخيل حال المعلم وهو يقرأ للأطفال هذه الكلمات كيف سيكون ذلك!؟ فلنتحكم في رغباتنا التي قد تطلب منِّا أشياء غريبة ولن يقبلها ولا يتقبلها الآخرون وجب الاعتدال في كل الأمور ومن كل الزوايا المحيطة.

ليس بعيب أن لا نتحدث عن ماضينا ولكن العيب والخطأ في الطريقة المقدمة وهل يستحق ذلك.

أطفال اليوم ليسوا كجيل الثمانينيات والتسعينيات وإن أردنا أن نعلمهم ألعابنا القديمة فلنختر الكلمات بعناية وفق معايير تتناسب مع الوقت الحالي والناس وطبيعتهم وعوالمهم المختلفة.

ليس هذا هو المنهج المطور الذي نتمنى أن نراه في كتب وأنشطة أطفال اليوم وإنما الأنموذج الذي يحب أن نساهم في إعطائه إياهم هو الانضباط والأخلاق الحسنة وحب العمل والقراءة والعطاء المتواصل .

كانت فرحتي وأنا أنشد تلك الكلمات تدعوني أن أعود مجددا ويوميا إلى شاطئ البحر مع الرفقة الطيبة تلك الرفقة التي لم يكن يشغل بالها لا أجهزة لوحية ولا هواتف ذكية ولا تيك توك ولا انستغرام أو حتى سناب شات ولا أية برنامج من برامج التواصل الاجتماعي حيث ما كان يشغلها إلا متابعة المسلسل الكرتوني الذي تعرضه القناة الرسمية والذي من المستحيل أن يعاد مرة أخرى.