تحديات الأمن الغذائي

علي بن بدر البوسعيدي

بعد الأزمات المتلاحقة التي يشهدها العالم في السنوات الأخيرة، تتزايد الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتحقيق الأمن الغذائي لكل دولة، والسعي من أجل توفير مختلف السلع الغذائية في الأسواق، وقد بذلت الجهات المعنية في وطننا الحبيب جهودا ملحوظة، والدليل عدم تعرض السلطنة لأي نقص أو عجز في السلع والبضائع الغذائية.

لكن في حقيقة الأمر، فإن مثل هذه التحديات تدعونا إلى اتخاذ خطوات مهمة ومؤثرة من أجل رفع معدلات الأمن الغذائي، والحديث هنا تحديدًا عن القطاع الزراعي، حيث إن أمامنا فرصة واعدة من أجل الاستفادة من الإمكانيات التي تحظى بها التربة العمانية في كثير من المناطق، وجهود المزارعين العمانيين بارزة للعيان في هذا الجانب. فهناك ولايات تتخصص في زراعة القمح وأخرى في الفواكه، وغيرها الكثير من المحاصيل والمزروعات التي توفر معظم ما يحتاجه المستهلك من الغذاء.

ولعل أبرز نموذج على الاهتمام بالقطاع الزراعي، مشروع المليون نخلة الذي انطلق قبل سنوات في عهد المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- حيث إنَّ العماني معروف منذ القدم باهتمامه بنخيل التمر، والاستفادة من هذه الشجرة المباركة في العديد من الجوانب، سواء في استخدام التمر كمصدر غذائي مهم وأساسي على مائدة الطعام العمانية، أو في استخراج منتجات أخرى تُستخدم في صناعات عدة، وتحقق قيمة محلية مضافة توفر فرص العمل وتعود بالنفع على اقتصادنا الوطني.

الآن علينا أن نكثّف الجهود من أجل تنمية القطاع الزراعي، من خلال إيلاء المزيد من الاهتمام بالمزارع العماني ومساعدته للحصول على كل ما يلزمه لإنجاح مشروعه الزراعي، عبر توفير الأسمدة المطلوبة وإمداده بمصادر المياه بتكلفة مناسبة، وكذلك العمل على مساعدته في نقل وتخزين وبيع المحاصيل بأفضل سعر ممكن، حتى يتمكن من إعادة الدورة الزراعية موسمًا تلو الآخر. وعلينا أيضًا أن نتوسع في الزراعات المحمية لمُواجهة الطقس الحار أو الجفاف، واستخدام التقنيات الحديثة في الري، وزيادة الرقعة الزراعية في الأراضي الخصبة في كل أنحاء عمان، مثل الجبل الأخضر الذي يتمتع بطقس متوسطي يسمح بزراعة العديد من الأصناف المميزة من الفواكه والمحاصيل، وكذلك منطقة النجد في محافظة ظفار، والتي تجسد نموذجًا حقيقيًا على قدرة المزارع العُماني على استصلاح الأراضي.

إننا نأمل من الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموراد المياه أن تضاعف الجهود المبذولة من أجل النهوض بالقطاع الزراعي، وأن نحقق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل قدر الإمكان، بل وتصدير الفائض عن حاجتنا إلى الخارج.