حديث الكهرباء

 

سارة البريكية

Sara_albreiki@hotmail.com

 

في ساعة الظهيرة وحرارة الجو المُحيط انقطع التيار الكهربائي فجأة؟! توالت بعدها الإنذارات والإخطارات من مختلف الشركات: 4 ساعات ويعود التيار الكهربائي، ولكن الوقت طال ولم تعد الكهرباء في الوقت المحدد.

هكذا مضى أغلب المواطنين في مسقط وبعض المناطق المتضررة بالانقطاع ليلتهم على الشموع، والبعض قرر أن ينام ليلته الغريبة على أسطح المنازل، والبعض الآخر في سيارته. وهناك من قرر الذهاب لأقرب مسجد لتعبئة هاتفه النقال واكتظ الشارع بالسيارات في ظل توقف إشارات المرور التي تعمل هي الأخرى على الكهرباء. أما المنازل التي يسكنها المرضى كانت تئن بصوت مسموع، ولا أنسى محلات الخضار والفواكه والأسماك واللحوم التي تعتمد اعتمادًا كليًا على الكهرباء لتبريد السلع والضرر الذي تعرضت له في ساعات متتالية. أما محلات الزهور فقد تعرضت هي الأخرى لما تعرضت له المحلات التي تعتمد اعتمادا كلياً على الكهرباء في تبريد سلعها ومنتجاتها..

وصلتني رسالة على هاتفي من أحد محلات بيع الورد المعروفة: "نأسف لانقطاع خدماتنا بسبب انقطاع التيار الكهربائي". ليس ذلك بعجيب وليس بغريب؛ فالانقطاعات تحدث والتيار يُقطع، ولكن ليس كما حدث يوم الإثنين الماضي من انقطاع مستمر في أغلب الولايات والمحافظات، إنه حدث غريب.

لكنها النعمة التي لم يفكر بها البعض.. النعمة التي نحن بحاجة لشكر الله عليها أولاً بترشيدها دائما وعدم الإسراف والتبذير والمبالغة في استعمالها، هي نعمة عظيمة وجدت لتُنير أيامنا ولتستمر حياتنا وجدت كي نساهم في الترشيد من استهلاكها وعدم المبالغة في ذلك ولكن كان حديثها إلينا هذه المرة شديدا وقالت بصمتها ما قالته بحديثها وأوصلت إلينا رسالة عاجلة مفادها: انتبهوا!

إنَّ ما حدث لا تلام عليه مؤسسات الدولة ولا شركات الكهرباء، فالخطأ وارد والتعطل وارد أيضا، والتجاوب السريع لحل ما تعطل هو جهد ملموس بذله المهندسون القائمون على ذلك والعمال الذين يشتغلون معهم والتكاتف لحل المشكلة التي حدثت. اليوم لا يجب علينا أن نتذمر وأن نخلق المشكلات ونتحدث وكأن الخطأ الذي حدث مفتعل، فهذه الأفعال يجب علينا عدم القيام بها، فنحن شعب محب متفهم لما حدث ويحدث ونقول دائمًا قدّر الله وما شاء فعل.

اللحمة الوطنية والتكاتف والتعاضد الذي حدث أثناء انقطاع التيار الكهربائي وما شاهدناه وما لم نشاهده لهو جانب من جوانب التقدم والتطور والبناء فبناء الأخلاق والشعوب أهم بكثير من البناء العمراني والتلاحم من أجل الوطن هو مفخرة علينا أن نفتخر وأن نباهي بها القاصي والداني. وعمان وهي تزهو بثوب جديد في ظل الحكومة الرشيدة لمولانا السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله ورعاه- هي عنوان للمحبة والسلام والسؤدد والرخاء. وعمان أبيّة بشعبها، عظيمة بحكومتها، راسخة بمبادئها، كبيرة بقلوب المخلصين فيها، وإنها لتمضي قدمًا في طريق ملؤه التفاؤل بمستقبل زاهر وحياة كريمة.

والولاء والانتماء الذي نكنه لهذا الوطن يجعلنا مؤمنين بكل عطاءاته وهباته لنا راضين بكل ما يحمله لنا من مكافآت ومكاسب، مثمنين جهود أبناء الوطن كلا في مجاله وكلا في مكانه وكلا في عمله متكاتفين من أجل رفعة عمان ورفعة أبناء عمان الأوفياء.

إنَّ انقطاع التيار الكهربائي عن بعض المناطق هو أمر صعب جدا ويجب علينا تفادي مثل هذا الحدث في القادم ووضع خطة احتياطية للحالات الطارئة، ونأمل أن لا يتكرر ذلك مجددًا؛ فحالة القلق التي عاشها المواطنون لا تقدر بثمن؛ لأن هذه الحادثة كانت جديدة علينا جميعا.

حفظ الله عُمان ومن عليها، وأسبغ عليهم نعمه في وئام وسعادة.