عَظُمَ المصاب يا أبا ريان

 

د. حميد بن مهنا المعمري

halmamaree@gmail.com

لم تغب شمس اليوم قبل أوانها، ولم يختفِ ضوؤها، ومع ذلك أظلم نهار محارة، واحلولك ظلامها، واسودّ بياضها، وابيضّت عيون أهلها من الحزن! وعندما سألنا: ما الخبر؟ تلقينا خبر وفاة الأخ العزيز الأستاذ سالم بن عبدالله الجرادي، عندها تذكرنا القول المشهور:"إذا عُرِف السبب بطل العجب" من حال محارة وما أصابها من خطب جلل!

عَظُمَ المصاب، واشتد الفقد، وكَبُرَ الخطب عند مَنْ عرف أبا ريان حق المعرفة!

فقد عرفناك يا أبا ريان بعد ذلك الحادث الأليم المُميت وقد ترك فيك آثارا بالغة على صحتك لا تخفى على من شاهدك، ومع ذلك عرفناك بنخوتك وشهامتك وطيبتك، وعرفناك ذلك الابن البار لقريته وجماعته؛ فكانت محارة وأهلها ذلك الخط الأحمر الذي لا يُسمح لأي كان بتجاوزه حتى ولو كان مازحا! عرفناك مؤذنا ومصليا ومُحبا للخير، عرفناك بذلك وعرفناك بأكثر من ذلك.

ذلك هو سالم بن عبدالله الجرادي لا تُمل مجالسته ولاتشبع من حديثه، فعند كل صباح نلتقي يهجم عليك بصفاء نيته ونقاء سريرته بجيش من الأسئلة؛ فيسألك عن الصغير والكبير ويُشعرك أنك شخص مُهمٌ في حياته.

نعترف بتقصيرنا تجاهه-وما أكثر تقصيرنا- فنضحك أحيانا ونمزح في أحايين أُخرى، ولكن كان ذلك في المساحة المسموح بها بين الأخ وأخيه؛ فأحبّنا وأحببناه وغفر الله لنا وله.

لن تذوق محارة طعم الغمض بعد هذه الصدمة، وأجزم يقيناً أنها سترتدي ثوب الحزن ولن تُفارقه!

ستبكيك المصنعة يا أبا ريان، ستفقدك مدرسة العلاء بن وهب التي هي أيضا ستعلن الحداد على فراقك، ستنعاك غرفة المعلمين ومكتبة أبي مازن، ومختبر أبي تيمور، ستبكيك الصفوف وستنهمر الدموع الغزار في طُرقات وسكيك ومزارع محارة مشكلة أودية تسقي قبرك الطاهر.

ومع هذا الفقد الكبير والمصاب الجلل لا نقول إلا ما يُرضي ربنا: "إنا لله وإنا إليه راجعون" ولأهله وذويه ومحبيه حُسْن العزاء وصادق المواساة؛ فأحسن الله عزاءكم وعظم الله أجركم وأخلف الله لكم الأجر والثواب.