سارة البريكية
أشعر بحزن شديد عندما أفكر، وينتابي القلق والأسى نحو مستقبل لا تتضح لنا ملامحه، واتضرع إلى الله بالدعاء لعل الأيام القادمة ستكون أجمل وأعود أدراجي بعد خيبات أمل متتالية وشعور بالخذلان يسكنني، قد نتفاءل، لكن الأيام تمر والذي يمر لا يعود، وهو منقوص من أعمارنا، والتي لا نعلم متى تنتهي وينتهي دورنا الذي نقوم به في هذه الحياة.
كلٌ منِّا يأخذ نصيبه وهذا أمر مفروغ منه ولكننا نبحث دائما عن الأفضل نبحث عن ما يكملنا وعن ما نتمنى الحصول عليه ونسعى لتحقيقه بكل ما أوتينا من قوة ولكننا لا نملك أن نغير هذا القدر إلا بالدعاء فبه فقط نستطيع.
كانت صغيرة في العمر وكانت أمنياتها كبيرة فقد حلمت بمُقابلة السلطان وحلمت بإلقاء القصائد أمامه فتحقق حلمها، لكن ليس كما تريد باتت تشارك في محافل البلد وتكتب الأشعار في حب وطنها وقائده المُفدى ليس لشيء وإنما لأنها تحب ذلك الوطن وتحب ذلك القائد وتحب تلك الأرض التي ترعرعت عليها وكبرت، تتنفس بلادها وتحملها في حقائب السفر وفي كل مرة تقول: الوطن أولا.. الوطن أولا..
كبرت وكبرت معها أحلامها رسمت لها خطا لا يشبه كل الخطوط وتفردت في عالمها الخاص وكانت تلك التي تعطي من أقصى مساحات القلب وكان عطاؤها ملموساً ومبادراتها واضحة وكانت تفكر في ذلك الحلم المرتقب وأنه بات وشيكا ولكنها الأمواج العاتية تأتي لتأخذ كل شيء وتبلل الأوراق الكثيرة التي كانت تحملها في يدها وتقف.
الطريق المؤدي إلى الحلم يضيق كثيرًا، لم تعد الطرقات فسيحة كالسابق بات صعب المنال بعد أن تبللت الأوراق وتغير المسار ولكنه ليس مستحيلا رغم الطريق الوعر ورغم صعوبة المسار ورغم تلك العثرات، هكذا كانت تحدث نفسها بأن كل يوم يحمل في طياته البشرى التي تسبق اسمها دائمًا فدائمًا يقال: "بشرى سارة"!
كانت تهدهد جراحها بصمت أو بقصيدة حزينة أو بأغنية حالمة وكان صمتها يطول ويخيل لهم أنها بأحسن حالاتها إلا أنها منزوية تماما وتعيش في عالمها الخاص وحيدة لم تتأفف ولم تبالغ بالتشاؤم ولم تحارب أحدا كانت واقفة وقوية وعفوية جدا وكانت دائمًا تقول: إن الحلم الذي رسمته سيتحقق وإنني أراه لكنها تحس بالملل.. الملل الذي يتوغل في ذلك المكان الصامت والجسد المسجى الذي لا يرى إلا سقف غرفته والمسجون الذي ينتظر الرأفة وساعة الفرج والطيار الذي يحاول جاهدا الإمساك بمقود الطائرة ومكابحها كي لا تحملها الرياح بعيدا ويفقد السيطرة.
كانت تأمل أن تحقق أحلامها الكثيرة وتغير المقولة الشهيرة "العوض في الجنة"، نعم هناك عوض آخر في الجنة، لكننا في هذا البلد ننعم بخيرات كثيرة وهناك الكثير من الخريجين والباحثين عن عمل لا ينعمون بهذه الخيرات، وقد يمضي قطار العمر وهم لم ينعموا بها.
إننا نتمنى من وزارة العمل الإسراع في توظيف الخريجين وأصحاب الكفاءات والقدرات والمعروفين والذين رسموا طريقًا وتفردوا في تخصصاتهم وأعطوا، فهم يستحقون أن يعيشوا حياة كريمة هانئة بلا منغصات فقد قاموا بما يلزم إن كان من ناحية الدراسة وإن كان من ناحية العطاء وإن كان من ناحية البذل.
تحدثت سابقًا أننا كبرنا ونحن بدون وظيفة، وأصبحنا نخجل أن نطلب من أهالينا مساعدتنا، فلماذا لا تمد لنا الحكومة يديها بلا تأفف وينال كل ساعٍ بمقدار سعيه، ويُكافأ المجتهد، وأن نفتح أبوابًا للطاقات الشبابية قبل أن تخور قواها وتتلاشى مع الانتظار؟! فالانتظار يقتل كل شيء جميل.