خالد حرية

 

سارة البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

 

منذ نعومة أظفاري وعندما كنت صغيرة تربيت وعشت متنقلة مابين ولاية صحم ومنطقة خورفكان في إمارة الشارقة؛ حيث إن جدي- المغفور له بإذن الله- أحمد الهمش، يعد رمزًا من رموز دولة الإمارات وخصوصًا إمارة الشارقة، فقد كان شاعرًا وبحارًا، وكان يصنع السفن، وعصاميًا بالدرجة الأولى ورئيسًا لقرية التراث في إمارة دبي، وكنت أتنفس هواء خورفكان مثلما أتنفس هواء قريتي الأولى التي ترعرعت ونشأت فيها فقد كان نصفي إماراتيا ونصفي الآخر عمانيا ولا زالت.

من هناك عرفت الشيف "خالد حرية"، فقد كان اسمه يتردد في كل مكان؛ حيث كان يملك مطبخًا شعبيًا، وعرفته منذ صغري وأيام طفولتي يطهو المأكولات الشعبية الإماراتية والعمانية، وكان بارعًا في ذلك، وعندما كبرت وأنا أزور أسواق دبي أرى مطعم خالد حرية في ردهة من ردهات المدينة بالخط العريض مطبخ (خالد حرية). رغم إن حرية في حقبة زمنية كان مشجعا ومن عشاق كرة القدم ورئيسًا لرابطة المشجعين، وكان- وما زال- نابضًا بالحياة والحياة تضج في أطرافه وتدب في محياه وتشرق في إطلالته. كان شغوفا محبا لعمله يجلب الانتباه له والأضواء أينما حل وأينما ذهب كان طيبا محبا للخير، وعرفت ذلك جيدا من خلال مواقف إنسانية متعددة، ومنها أنه كان يقدم الوجبات التي يعدها في شهر رمضان المبارك للصائمين كوجبة إفطار صائم ومساعداته الطيبة.

حرية صاحب القلب الأبيض، القلب المحب والحنون الشغوف والمعطاء والكريم، يوما فيوم، بدأ حرية يكبر في عيون متابعييه وجمهوره وعشاقه فأصبح الصغير قبل الكبير يهتف باسم "حرية" ذلك لأنه صادق مع نفسه وانعكس ذلك بعد أن أصبح صادقًا مع الناس، وهو مثال جيد للرجل الخلوق المعروف بصفاء قلبه.

عندما خط خالد حرية رحاله في صلالة لم تكن تلك زيارته الأولى لها وبالقدر الذي كان يعرف فيه حرية في سكك وطرق وأزقة وحواري دبي والعديد من مدن دولة الإمارات العربية المتحدة، كان يعرف طبيعة صلالة ومحافظة ظفار تليها معرفته لعدد من ولايات السلطنة. وبالتالي حينما نجد هكذا شخصية شغوفة ببلدنا ومحبة لها، فإنه يجب علينا أن نحترمه ونقدره ناهيكم أن العماني عرف باحترامه وتقديره للجميع وترحابه الدائم بمن يلقاه وينزل معه وحوله ضيفا ولا يتفوه بكلمات نابية وجارحة للغير.

وإذا كانت صلالة خاصة ومحافظة ظفار عامة تواجد فيها حرية، فإن سهل أتين كان له قصة تتجدد بشكل يومي معه؛ إذ إنه أنزل عدة رحلته الطويلة وأوقد عليها بقلب صافٍ أبيض محب للجميع، فما كان من ذلك إلا أن يقدم لجمهوره مما جادت به نيته الطيبة قبل أن يجود به ذلك القدر الكبير من وجبات غذائية مختلفة ومتنوعة فكان واجهة سياحية مقصودة ومزارًا مهمًّا من مزارات الخريف هذا العام، وكل من وصل لصلالة يتسابق في الذهاب للسلام على حرية من مشاهير برامج التواصل الاجتماعي والممثلين والفنانين والشيوخ ورجال الأعمال وسياح وزوار موسم الخريف من كافة الدول الصديقة والشقيقة ومن كافة محافظات السلطنة وولاياتها العريقة فكان مرحبا للجميع بشوشًا سمح الوجه رحب القلب عظيم النفس كريم العطاء مثالا يحتذى به وعنوانا لنشر ثقافة حب الحياة وحب العطاء وحب الكرم والشهامة والحيوية.

إن حديث رسولنا الكريم محمد- صلى الله عليه وسلم- كان يقول: لو أتيت أهل عمان ما سبوك ولا ضربوك.. نعم فأهل عمان الطيبون أصحاب القلوب النقية ترحب بكافة الضيوف وكافة السياح وكافة النزلاء وكافة المقيمين فيها.

وعليه فإنه ما ينبغي أن يقال: احترام الضيف واجب تمليه أصالة العماني وتربيته وأخلاقه وعاداته وتقاليده ودينه الإسلامي السمح، فإذا كانت هناك ثمة تصرفات فردية تسيء لضيوف السلطنة؛ فإن أولئك لا يمثلون إلا أنفسهم فقط ونحن ضد من يجرح ويعنف بطريقة ينسف بها كل المبادئ والأعراف.