عندما يقع "الشرعي" في مستنقع أفكاره

صالح البلوشي

نشر الإعلامي أسعد الشرعي، مقطعا مرئيا عبر قناته على "يوتيوب"، يعلق فيه على صورة متداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لوفد الجمعية العمانية للكتاب والأدباء مع الرئيس السوري بشار الأسد، خلال المشاركة في اجتماع الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الذي اختتم مؤخرا في العاصمة السورية دمشق، بمشاركة 12 دولة عربية إضافة إلى سوريا.

المقطع المرئي كان مليئا بالألفاظ السوقية التي لا يمكن أن تصدر من إعلامي سويٍّ يبحث عن الحقيقة أو يحترم المتابع لقناته، كما أنه تضمن ألفاظا لا تدل على أدنى احترام للبلد الذي استضاف هذا الشخص قبل عدة أشهر، وقوبل فيه بكل رحابة صدر واحترام كعادة العمانيين في استقبال ضيوفهم، وإن اختلفوا معهم في الرأي، مع العلم بأن "الشرعي" عُرف عنه -حتى قبل زيارته للسلطنة- بإساءاته المستمرة لسلطنة عمان ومواقفها السياسية عبر حسابه على تويتر أو عبر قناته في "يوتيوب".

من بين هذه الإساءات، اتهامه للسلطنة أنها تقوم بتهريب الأسلحة للحوثيين، إضافة لحقده الواضح لدول الخليج وإساءاته المتكررة لقادتها ووصفهم بألفاظ أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها بذيئة.

لن نجاري "الشرعي" في إساءاته وبذاءاته ولغته السوقية التي يُعرف بها، وسنتجاوز ذلك؛ لأن أخلاقنا الإسلامية والعربية والعمانية لا تسمح لنا بذلك، فقد تعلمنا من المدرسة العمانية القابوسية والنهج الهيثمي المستنير، أن نحترم الآخر ولو اختلف معنا، ولو تكلم معنا ببذاءة فسنرد عليه بالحسنى، ولو افترى علينا سنوضح له الحقائق، وكنا نتمنى أن يتعلم "الشرعي" شيئا من هذه المدرسة خلال فترة وجوده في سلطنة عمان، ولكنه للأسف بدلا من ذلك ذهب مباشرة إلى "تويتر" وزج باسم سلطنة عمان في تغريدات حاقدة على بعض دول مجلس التعاون الخليجي، وقد رددت عليه حينها ألا يزج باسم السلطنة في تغريداته المسيئة ولكنه لم يفعل وإنما نشر هذا المقطع المرئي المسيء.

من يتابع الفيديو، يلاحظ وجود جهل مركب لدى "الشرعي"، في نقطتين أساسيتين:

الأولى: أن "الشرعي" كما قال بنفسه في المقطع المرئي أنه لا يعرف أن هذا الوفد رسمي أم لا، وهل هم تجار أو رجال أعمال حسب كلامه، وهذا يكشف أنه أوقع نفسه في الحديث عن موضوع لا يعرف عنه شيئا، كان من المفترض على صاحب المقطع المرئي أن يبحث أولا في هوية الوفد العماني المشارك وطبيعة الاجتماع أو المؤتمر الذي يشارك فيه قبل أن يتورط في فخ الجهل، ولعلم "الشرعي" أن هذه المشاركة في اجتماع الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في دمشق هي الثانية للجمعية العمانية للكتاب والأدباء وكانت الأولى في الفترة من 13 إلى 15 يناير سنة 2018.

وبما أن الشرعي يدَّعي أنه إعلامي ويبحث عن الحقيقة، فكان عليه أن يسأل عن الأشخاص الذي ظهروا في الصورة مع الرئيس السوري بشار الأسد، ولعلم "الشرعي" فقد استقبل الأسد جميع الوفود المشاركة في المؤتمر وليس الوفد العماني فقط، وهذا الوفد ضم شخصيات ثقافية وأدبية عمانية معروفة في الوطن العربي برئاسة المكرم الشاعر سعيد الصقلاوي رئيس الجمعية، ودكاترة أكاديميين أمثال الدكتور حميد النوفلي والدكتور ناصر الحسني والدكتور ناصر العتيقي والشاعر أشرف العاصمي، وهؤلاء يا أسعد الشرعي نحن نفتخر بهم وبإنجازاتهم في المجالات الأدبية والثقافية والفكرية المختلفة، وطالما أنك لا تعرفهم باعترافك، فمن الجهل أن تنعتهم بتلك الأوصاف التي صدرت منك ونترفع عن ذكرها.

الجهل الثاني: كشف "الشرعي" خلال المقطع المرئي أنه غير متابع للأحداث، ويعلق عليها من خلال ما يُرسل له من صور أو التي يجدها منتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي، كما أنه يجهل أن هناك زيارات رسمية بين سلطنة عمان وسوريا عبر الوفود الرسمية، وأن العلاقات بين البلدين الشقيقين لم تنقطع يوما، كما تحدث "الشرعي" أيضا عن العلاقات بين السلطنة ودولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ونريد أن نقول لـ"الشرعي" إن العلاقات بين سلطنة عمان ودول مجلس التعاون الخليجي هي علاقات تاريخية وراسخة، ولن يستطيع أي صاحب فتنة أن يؤثر فيها، وكذلك علاقات سلطنة عمان مع الدول العربية وباقي دول العالم، وننصح "الشرعي" أن يقرأ قليلا عن الدبلوماسية العمانية حتى لا يتورط مستقبلا في هذا الجهل كما كشف عنه هذا المقطع المرئي وبعض تغريداته.