دودة الوادي

‏راشد بن حميد الراشدي *

هو مرضٌ غامضٌ يُصيب بعض الناس أيام الأمطار والسيول الجارفة، وليس له علاج إلا الكي أو الجلد، حتى يسخن الجسم ويتلوى من الألم، أما نتائجه لمن لا يُسارع في علاجه فهو الموت، وفجيعة والديه وأسرته بفقده، ورغم أنَّ البعد عنه سهل جداً، ولن تصيبك أضراره أبداً بإذن الله، إلا أنَّ العجب العجاب من لم تَعِظه حوادث "دودة الوادي" فيمن ذهب طيشاً واستهتاراً لتلك المتلازمة الخبيثة التي تُصيب عقله قبل بدنه.

هذه هي مُقدمة لما يحصل هذه الأيام من استهتار كبير ومناظر وصور تناقلتها وسائل التواصل لحالات انجراف السيارات والشخوص في مجاري الأودية وحالات الغرق بين الصغار والكبار التي يُؤسف لها، وكل ذلك لعدم تقدير الأخطار والحذر من عبور الأودية والسباحة فيها وغيرها من الأسباب.

فهل الشجاعة والمروءة والنجاح والفلاح عندما أستطيع تحدي وادٍ هادر!

وهل هناك جائزة تستحق المغامرة بالروح لتصوير لقطة داخل وادي سيسحبني في غرافه التي لا حول لي ولا قوة لمقاومتها!

وهل هناك سعادة وتحدٍ عندما أغوص في بحيرات وادٍ لا أعرف قعرها ‼️

ومن يرجع الماء المسكوب في حوادث غرق الأطفال لإهمال أهلهم لهم عند الذهاب للتنزه في الوديان؟!

إنها "دودة الوادي" يا كرام رغم التحذيرات وجهود الجهات المعنية الكبيرة والحوادث التي لم يعتبر لها فئة من الناس، ففرحتنا بغيث السماء ورحمة رب العباد لنا يُعبر عنها بالشكر والحمد لله المُنعم وليس بخوض الأودية والمغامرة بالنفس التي حماها الله وأكرمها، فأنت عندما تجازف بنفسك وتعرضها للهلاك مأثوم.. قال تعالى: "وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ".

اليوم.. نرى تحدياً كبيراً من إنسان ضعيف تذهب حياته سُدى بسبب لقطة سيحصل عليها من آخرين، وما أكثرها، أو مكابرة في عبور وادٍ أو استهتار وغفلة عن أولاده في لحظة خطر.

هي دودة الوادي التي كَثُر الحديث عنها هذه الأيام، ولا نُحب أن نسمع عن حوادث أخرى حفظكم الله، ولا مغامرات مميتة، فخذوا حذركم واستمتعوا بما جاد به رب السماء على العباد، وافرحوا واشكروا الله على نعمة المطر وإخضرار الأرض والأجواء الرائعة الجميلة، وعيشوا أجمل اللحظات بلا حوادث يَندى لها الجبين، فحياتكم وحياة أولادكم أمانة في أعناقكم، فعسى يُذهب ربي "دودة الوادي" بلا رجعة، ولا نسمع عن حوادث أخرى ‼️

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها، وأنعم عليها بالغيث والخير والنماء.

 

* إعلامي وعضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية