التوحديون.. والاندماج في المجتمع

زهراء بنت حسن اللواتية

قد تبدو لك شاشة إعلانات عادية في إحدى المراكز التجارية يمر طفلك أمامها دون أن يلحظ المحتوى الذي يُعرض فيها.. ولكن طفلي وآخرون من أطفال التوحد قد يعانون من حساسية ضوئية تجاه الحركة السريعة لتلك الشاشات، والتي قد تؤدي إلى جعلهم غير مستقرين، أو قد تصل بهم إلى مرحلة من الانهيار. وبشكل عام، أصبحت بيئات المراكز التجارية غير صديقة للتوحديين خلال السنوات الأخيرة بشكل مطّرد. وسأعرض هنا بعض الأفكار المقترحة لجعل هذه المراكز أكثر هدوءًا وملائمةً للتوحديين، وأكثر دمجًا لفئات مختلفة من مجتمع ذوي الإعاقة.

- يعاني الكثير من التوحديين من الحساسية الشديدة للأصوات والأضواء، والتي قد تكون مؤلمة بالنسبة لهم عند سماعها أو رؤيتها، ولذلك من الجيد إعادة النظر في مستوى المؤثرات الصوتية التي يتم استخدامها، حيث إن الأصوات الخافتة قد تكون أكثر ملائمة، وقد تساعدهم على التأقلم مع المكان بشكل أسهل. كما يفضل تقليل عدد الشاشات التي تومض بشكل سريع، وبالتالي تساهم في تشتيت انتباههم وجعلهم يشعرون بحالة من القلق، والتوتر الشديد التي قد يعقبها نوبات من الانهيار؛ للتعبير عن عدم الارتياح.

- تعريف الموظفين في المحلات والمطاعم على الاضطرابات الحسية التي يتعرض لها أطفال التوحد، والسلوكيات المتوقعة عند دخول أي طفل توحدي للمكان، وبالتالي تقديم الدعم المناسبة لأسرته في حال تعرض الطفل لحالة انهيار لأي سببٍ من الأسباب، وكذلك تقديم خيارات أكثر مراعاةً في طوابير الانتظار.

- توفير مساحات استراحة هادئة يمكن للأفراد التوحديين الرجوع إليها لقضاء بعض الوقت الهادئ في حالة المرور بحالة انهيار، بحيث تكون بعيدة عن المنطقة الصاخبة التي يستخدمها عموم مرتادي المركز.

- تضمين الأفراد التوحديين في الحملات الترويجية التي تنفذها المراكز التجارية والمحلات الموجودة فيها، واختيارهم كوجوهٍ إعلانية أسوةً بالآخرين، وذلك تأكيدًا على مبدأ دمجهم ضمن فئات المجتمع المختلفة. كما أنه من الجيد بناء علاقات مع أهالي الأطفال التوحديين، أو البالغين التوحديين، وإشراكهم في الحملات المجتمعية لعملية إعادة تأهيل تلك المباني لتكون أكثر ملائمة لذوي الإعاقات.

- وأخيرًا تعريف مرتادي المراكز التجارية حول الاجراءات المتبعة لجعل هذه الأماكن أكثر راحة و موائمة لذوي الاعاقة بشكل عام والتوحدين بشكل خاص، عن طريق وضع بعض الارشادات في لوحات الاعلانات، أو المنشورات في منطقة الاستعلامات، أو النشر في وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا سيخفف الضغط على أهالي الأطفال الأطفال التوحديين الذين غالبًا ما تحاصرهم نظرات الاستغراب والاستنكار من الآخرين، وكذلك الانتقادات اللفظية حين يتصرف أبناؤهم بطريقة غير متوقعة.

قد يشكل وجود فرد توحدي ضغطًا اجتماعيًا كبيرًا على العائلة في مجتمعات ليست مهيئة للدمج، ولكن حين تأخذ مؤسساتنا الحكومية والأهلية والمدنية والخاصة دورها في تكييف بيئاتها لتكون صديقة لذوي الإعاقة، فإن ذلك سيسهل حياة الكثير من الأفراد وأسرهم.

تعليق عبر الفيس بوك