البوصلة تتجه نحو مكة

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

 

 

نحن كمسلين من شتى بقاع الدنيا ندرك تمامًا لماذا ستتجه البوصلة خلال هذه الأيام نحو أرض الحرمين الشريفين، وهناك جموع غفيرة من البشر تعتزم شدّ الرحال إلى بيت الله الحرام خلال الأيام المقبلة.

فخلال هذه الأيام المتبقية من شهر ذي القعدة والأيام التالية من شهر ذي الحجة ستتوافد قوافل الحجيج نحو بيت الله الحرام أفواجًا لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام وستتجه كذلك أنظارنا مع باقي مسلمي العالم أجمع نحو بيت الله الحرام حيث سيؤدي الحجاج مناسكهم، والحج كان قد فـُـرضَّ على المسلمين في السنة التاسعة للهجرة، حيث حج المسلمين في تلك السنة حجتهم الأولى وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد جعل من أبي بكر الصدّيق أميرًا للحج في تلك السنة، أما حجة الوداع التي حج فيها رسول الله- صلى الله عليه- وسلم فقد كانت في السنة العاشرة للهجرة.

يقول الله تعالى "وَأَذِّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍۢ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ" (97/ال عمران) وعن أبي هريرة- رضي الله عنهُ- قال: "خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا"رَوَاهُ أحمد ومسلم والنسائي. والحج فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل وهو واجب لمرة واحدة في العمر لمن استطاع عليه سبيلًا، ومن زاد على ذلك فيعتبر حج تطوع، والحج من أعظم شعائر الله تعالى، لذلك تجد المسلم يخطط لهذه الرحلة مبكرًا ويدّخر من حر ماله لأداء هذا الفرض، بالإضافة إلى أنه قد ينتظر لسنوات حتى يحظى بموافقة جهات الاختصاص على طلبه.

ونجد المسلمين خلال هذه الأيام من السنة يتدفقون على شكل جماعات منظمة لزيارة بيت الله الحرام من شتى بقاع الأرض بمختلف أطيافهم وقبائلهم وأعراقهم وألوانهم ولغاتهم تجمعهم محبة الله سبحانه وتعالى ودين الإسلام العظيم متجهين إلى الله سبحانه وتعالى بقصد أداء مناسكهم تلهج ألسنتهم بالتلبية يناجون ربهم ويرفعون أكفهم في حوار بينهم وبين الله تعالى راجين رحمته وعفوه ومغفرته، فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قالَ: "سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- يَقولُ: "منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ، وَلَم يفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ "متفقٌ عَلَيْهِ، فهنيئًا لحجاج بين الله الحرام اللذين عقدوا النية لحج هذا العام، ونسأل الله تعالى أن يحفظهم ويوفقهم في حجهم ويوفيهم الأجر والثواب. 

ولا ريب أن رحلة الحج تستحق كل ذلك العناء وتلك المشقة التي يتكبدها المسلم؛ فهي تجارة مع الله والمعادلة هنا رابحة بكل تأكيد حيث لا مجال للخسارة عندما تتجه بوصلة المسلمين نحو مكة المكرمة لأداء أعظم شعيرة في الإسلام.