مُتعة الدراسة

 

الشيماء بنت سلطان الرجيبية

بعيدًا عن المثالية، لنتفق مع الواقع أن الدراسة صعبة لكنها أكثر مُتعةٌ للطالب! وهذا ما توصلتُ إليه مؤخرًا.

كنت أقول لصديقي: "صحيح أنّ الدراسة تحتاج الكثير من الجهد، من العمل بجد، وخوض رحلة طويلة، شاقة، مليئة بالتحديات والمصاعب، لكن ثمةَ أشياء غيَّرت نظرتي، سهَّلت طريقي، وشعرت أنني أمضي بإستمتاع، أعرفُ جيدًا أنّ ما من أحدٍ يرغب بخوضِ التحديات الصعبة لكن هناك من يستمتع بقتل الأفكار السلبية، بالمحاربة، بالشجاعة، بالإستمرار لأنه يدرك المرء بهذا يستطيع أن يصل لغايته".

استحقر رأيي بجواب: "لا أحد الآن يستمتع بالعلم إلا الشاطر المتميز!!"، أجبت: "وهل المتميز وُلد متميزًا؟ بالطبع لا، بدون العلم لا أتميز، لا أرتقي، لا أتقدم ولا أستطيع أن أبني شخصيتي، كيف أقنعك أنَّ بها أجد فرصًا كثيرة، أشياء جديدة، بوسعِ الطالب أن يعرفَ نفسه، أفكاره، مواهبه ويرى طرقًا أكبر للنجاح لبناء طريق حياته".

كما قال روبرت موغابي: "كيف لنا أن نقنع هذا الجيل أن الدراسة هي مفتاح النجاح والمستقبل الزاهر؟  في حين إننا محاطون بأصحاب الشهادات وخريجي الجامعات الذين يعيشون فقراً مدقعاً، والمجرمون يعيشون الثراء.

وأعارض آخر جملتيك يا روبرت، كم من مجتهدٍ أصبح طبيبًا، عالمًا، معلِّمًا؟ ناضل أمام ضربات الحياة ووقف ضد الصعوبات ليتعلَّم، ليصبح بالحياةِ شيئا، ينفع به الناس والمجتمع. لا يُصبح المتعلِّم ضعيفًا ويعيش فقرًا مُدقعًا كما قلت. يبقى المتعلِّم متعلِّما، يعيشُ بفخر، يعيش بعزٍّ، يملك الكثير من الخبرة، على الأقل نفع علمه لنفسه والناس أجمع، الجاهلون هم من يعيشون الفقر، المجرمون، الرافضون للعلم بالرغم من أن كل السبل متاحةٌ لهم، والذي يعيش الثراء وهو مجرم، فإنك قُلتها بنفسك: مجرمٌ وجاهل، وصل بحظٍ وكذبةٍ بلا علمٍ وتخطيط.

يُقال: إن ما يحتاجه الإنسان هو العمل المستمر ليلَ نهار، والقراءة الدؤوبة، والدراسة، والسيطرة على الإرادة، فكل ساعةٍ من الحياة ثمينة.

والدراسة شيءٌ ثمين، والوقت ثمين، والاستمتاع بكلا الإثنين أهم وأثمن شيء نفعله، لا يكفي أن نحصر فكرنا بمجرد أن تكاثفت علينا المصاعب وننسى أن نستمتع؛ لأن بذلك فكرة واحدة قد تُصعب المسير وتجعلنا نفشل ونبذلُ جهدًا أقل.

قرأت قصة للكاتب مهدي الموسوي ولفتتني عبارة: لقد فاتتنا الحياة ولم نستمتع بها. فاتتنا الدراسة، العمل، الزواج، كُنا مشتغلين بمصاعِبها، ونسينا أن نجد مُتعتنا. لقد عشنا حياة تنقصها المُتعة، الخوض، المغامرة؛ لذلك، امضِ في طريقك يا صديقي واستمتع بما تواجه، لا تشتغل بالتخلص من الصعوبات؛ لأنها لا تنتهي.

للدراسةِ متعة لمن جدد الأفكار وحدد الهدف وجاهد الوصول، لمن صاحب الأصدقاء الإيجابيين، وربط الأنشطة المُجزية، ستدفع بذلك هذا الطالب للتقدم، للاستمرار وللمضي بطريقٍ أكثر مغامرةٍ ومُتعة، محتفلًا بالإنتصار. والإنجاز نهاية الطريق.

تعليق عبر الفيس بوك