وطن يخفق بالأمجاد

 

‏راشد بن حميد الراشدي

عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية

 

هو كالأم الرؤوم التي تحتضن أبنائها بصدق الحنان والأفعال وحُب الخير للجميع؛ فكانت إمبراطورية لم يذكر التاريخ أصدق منها إخلاصًا وخيرًا أينما وطئت أقدام أبنائها على طول سواحل أفريقيا والهند والسند وشرق أسيا؛ فقد كانوا تجارًا لآخرتهم ودنياهم بهذا الدين الحنيف الذي نشروه وبسمتهم وأخلاقهم العظيمة التي شهد لها القاصي والداني عبر مختلف العصور والأحداث وبشهادة التاريخ الذي سطر عنهم أروع الأمجاد.

إنها عُمان بمجدها وتاريخها التليد وحاضرها المشرق السعيد فما رأيته خلال أيام زيارة فخامة رئيسة جمهورية تنزانيا لعمان زادني فخرًا لهذا الوطن المعطاء فتلك الأريحية الكبيرة لرئيسة تنزانيا وهي تزور سلطنة عمان، وذلك الاستقبال الكبير لها، وحفاوة الترحاب الذي لقيته من الجميع بعيدًا عن تلك العلاقات الطيبة الوطيدة التي تربط البلدين منذ مئات السنين وما خرجت به الزيارة من آفاق كبيرة من التعاون في مختلف المجالات، فقد لمستُ ذلك الانصهار التاريخي لدولة كان العمانيون أحد أركانها وأعمدتها، والذين زرعوا الخير في تلك البلاد، وجلبوا إليها فضائل كثيرة -بتوفيق الله- إبان حكم السيد سعيد بن سلطان لها وحتى وقت قريب. وما زالت تلك الأعمال والأفعال الضاربة في عمق التاريخ تشع بأنوارها وخيراتها في تلك البلاد التي أقام فيها العمانيون بارتباطهم مع أبنائها بوشائج قربى وتاريخ عظيم لا زالت مآثره باقيةً إلى يومنا هذا وممتدة إلى ما شاء الله بفضل جهود قيادة البلدين ووفاء السلطان الراحل، وكذلك حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله وأبقاه- لتلك الحقبة التاريخية الزاهرة من أمجاد عمان وهي تنشر الإسلام والخير وتقود العالم إلى منابع الفضائل التي وصلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية غربًا برحلة السفير العماني أحمد بن النعمان، وشرقًا بتجارها الذين وصلوا إلى جمهورية الصين.

عُمان وطن يخفق ويحلق عاليا بأمجاد وتاريخ ضارب في القدم منذ آلاف السنين تتحدث عنه شعوب العالم، وتتحدث عن أخلاقهم الدمثة التي كانت منابعها دين كريم، وصفات تحمل الخير للجميع، فأسرت القلوب وبقية محفورة في كل سِير الأولين عبر ذلك التاريخ الكريم.

وزيارة رئيسة جمهورية تنزانيا إلى مسقط هي إعادة إلى الأذهان ذلك الإرث التاريخي، وتلك الحقب المنيرة من تاريخ عُمان، وهي تمد اليوم لجمهورية تنزانيا كل سُبل التعاون، وفي مختلف المجالات لتبقى سلطنة عمان حاضرةً في المشهد والأدوار التي تقوم بها من أجل خير الشعوب وأبنائها في بناء جسور من العلاقات المتميزة مع جمهورية تنزانيا الصديقة والتي سترى النور في القريب العاجل بإذن الله.

حفظ الله عُمان وأمجادها الزاهرة، وحفظ سلطانها وشعبها وأيدهم بالحق والصلاح لخير جميع الشعوب. وجعل الله عُمان واحة للسلام والأمان؛ فعمان وطن يخفق بالأمجاد.