التسريح المُتواصل

 

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

التَّسريح.. مسلسلٌ حلقاته ما زالت مُستمرة منذ سنوات، ورغم الجهود الحكومية المبذولة، إلا أنَّ الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل لم يَحِن موعد عرضها بعد!

في الحقيقة قد يكون التسريح خلال الفترات السابقة له مُبرِّراته إلى حدٍّ ما، رغم استغلال بعض منشآت القطاع الخاص للمبررات التي كانتْ قائمة خلال الفترة الماضية، ولكن أنْ يتم التسريح خلال هذه الفترة فهذا الأمر لم يعُد مقبولاً، ونحن هنا لن نتحدَّث عن الحلول، ولا عن نظام الأمان الوظيفي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 82/2020 بتاريخ 17/08/2020م، وكذلك لن نتطرق إلى الجهود التي تبذلها وزارة العمل للحد من تسريح العاملين بمنشآت القطاع الخاص، كما لن نتحدث عن الآثار النفسية على العامل المُسرَّح أو أسرته، أو عن المشكلات الاجتماعية التي تُسبِّبها ظاهرة التسريح؛ فلقد تمَّ تناول هذاالموضوع بما فيه الكفاية.

اليوم.. ونحن خلال هذه المرحلة، قد يُقبل العُذر بالتسريح للمنشآت العاملة في قطاع الإنشاءات، والمرتبطة أعمالها بتنفيذ مشاريع محددة، وبعقود مؤقتة كذلك؛ فمثل هذه المنشآت تتعاقَد مع العاملين لديها للعمل بعقود عمل مُحدَّدة المدة تنتهي بانتهاء المشروع. وهنا، فإنَّ انتهاء خدمة العامل مُحدَّدة سلفًا بانتهاء مدة العقد أو انتهاء المشروع، ما لم تتمكَّن المنشأة من الحصول على مشروع آخر لتنقل خدمات العاملين لديها للعمل ضمن العقد الجديد؛ فهنا ستكون مُضطرة للاستغناء عن خدماتهم. أما أنْ يأتي التسريح من المنشآت الصناعية، فهذا الأمر لم يعُد مقبولاً على الإطلاق، ويتوجَّب على إدارة مثل هذه المنشآت عدم اللجوء للخيار السَّهل بالاستغناء عن خدمات العاملين لديها؛ فالأخيرة لم توظف في الأصل إلا تلبية لحجم النمو في عملياتها، وهذا النمو أمرٌ طبيعيٌّ ناتج عن توسُّع حجم الأعمال وزيادة الطلب على المنتجات؛ سواء عبر الأسواق المحلية أو الخارجية، ونحن لا نُنكِر التأثيرات القاسية للأزمة الاقتصادية وأزمة جائحة كورونا، وآثارهما على الاقتصاد، ولكن العالم بدأ في مرحلة التعافي منذ مُدَّة مع بداية ارتفاع الطلب على النفط، والذي رافقته زيادة في أسعاره عالميًّا.

وهنا.. كانَ من الأجدر بمثل هذا المنشآت احترام العاملين لديها، ومشاركتهم المشكلة حتى يُسهموا من جانبهم في البحث وابتكار الحلول؛ ومنها: العمل على تجاوز السوق المحلي، وفتح منافذ تسويق خارجية، رغم أن هذا الحل قد يتطلَّب وقتًا لكنه ليس بالأمر الصعب؛ فالتوجه الحكومي نحو تفعيل الحقيبة الاقتصادية، إضافة للحقيبة الدبلوماسية لأصحاب السعادة سفراء السلطنة حول العالم، يدعم هذا التوجه. كما أنَّه لابد لغرفة تجارة وصناعة عُمان توفير الدعم لأصحاب الأعمال لأجل المشاركة في المعارض وملتقيات التجارة والاستثمار الدولية حول العالم؛ لإتاحة الفرصة للصناعيين العُمانيين لعرض منتجاتهم حتى يتمكَّنوا من فتح منافذ تسويق خارجية جديدة تُؤمِّن لهم تعاقدات تصدير منتجاتهم للأسواق الخارجية.

وتَجِد إدارات بعض المنشآت في التسريح حلًّا للأزمة التي تمرُّ بها، لكنه ليس في كل الأحول هو الحل الأمثل. فغالبا لا تؤمن الحلول السريعة تجاوزَ المشكلات، بل قد تزيدها تعقيدًا، كما أنَّ الحلول السريعة لن تُسهم في توقف مسلسل التسريح.