راشد بن حميد الراشدي *
ضرورة مُلحَّة؛ بل أراها من أبرز أولويات الحكومة في الوقت الحالي، والتي يجب السعي لإنشائها وإصدار القرارات المنظِّمة لها وفق رؤية "عُمان 2040"، ووفق مقتضيات المرحلة الحالية، والتي تواجه القوى الوطنية فيها تحديات جسيمة في التعيين والبقاء على رأس العمل والتسريح والفصل التعسفي وفوضى التعيينات وفوضى التخطيط المُسبق لعماد الوطن وكيانه الحقيقي، والذي ما فتئت عُمان تُخرج الزرع الصالح المتعلم حتى أريد لذلك الزرع أن ينكسر أمام صبر الشباب الخريجين المتسلحين بصنوف العلم والمعرفة والمهارات المناسبة والمطلوبة لسوق العمل، ولبناء عُمان باقتدار، والذين ينتظرون دورهم لسنوات من أجل تحقيق حلمهم في تعيينهم بوظيفة مناسبة.
عُمان بيد أبناء الوطن ستكون في أمان مهما تكسب من أراد مصلحته الشخصية مقابل عدم توظيف وتشغيل المواطن الكفء، القادر على الإبداع والابتكار والبناء؛ فالعمالة الأجنبية ستبقى تبني أوطانها ولن تلتفت إلينا في الملمَّات مهما قدمنا لها من تضحيات.
اليوم.. أُناشد الحكومة وأصحاب القرار ضرورة التيقُّظ لهذا الأمر الذي أراه ضرورة ملحة لغدٍ أفضل؛ فوجود وزارة خاصة لتشغيل القوى العاملة الوطنية أو هيئة مُستقلة بات أمرًا يفرض نفسه لوفرة الخريجين بدون عمل، وعدم تنظيم سوق العمل بما يحوي هؤلاء الخريجين، ولعدم وجود الخطط الوطنية الحقيقية التي تُعد وتُوجَّه لهؤلاء الخريجين؛ ليصطدموا بتلك العقبات مع وجود فرص كثيرة ناشئة أو حالية تتمركز فيها القوى العاملة الأجنبية، ومع عدم المتابعة الدقيقة لخطط التشغيل وتوطين العمالة الوطنية المؤهلة، رغم ما تبذله وزارة العمل من جهد، إلا أنَّ حجم وكبر المسؤولية الملقاة على عاتق الوزارة أسهم في صعوبة المتابعة الضرورية لذلك الكم الهائل من التحديات، خاصة مع عملية دمج وزارة الخدمة المدنية معها، وأزمة كورونا، والأزمات المالية والاقتصادية التي يمر بالعالم.
إنَّ من أهم ضروريات إنشاء وزارة لتشغيل القوى الوطنية هي:
- دراسة سوق العمل كاملاً وفي كل المستويات والوظائف المطلوبة.
- وضع الخطط والتصوُّرات المستقبلية الحقيقية لحاجة عُمان وسوق العمل فيها بدأً من صفوف الحلقة الثانية وحتى تخرج الطالب من الجامعة.
- طرح برامج فنية حقيقية مقرونة بالتشغيل لمن لم يواصل دراسته الجامعية الكاملة.
- إيجاد القوانين واللوائح الملزمة على مُختلف المؤسسات والشركات لتشغيل القوى الوطنية أولا، مع الالتزام بإعداد الكفوئين لتلك الوظائف وفي كل المستويات.
- متابعة كل تلك الجوانب بشكل مكثف ويومي ومراقبة الشركات والمؤسسات الملتزمة من غيرها.
- عدم إسناد اي مناقصة حكومية أو دعم حكومي لأي مؤسسة، إلّا إذا كان جانب تشغيل القوى الوطنية شرطًا أساسيًا ملزمًا ومطبقًا تطبيقًا حقيقيًّا على أرض الواقع.
- مراقبة جميع إجراءات التعيين منذ الإعلان عن الوظيفة إلى الاختبارات والمقابلات إلى اختيار الشخص المعين وفق المعايير المطلوبة، دون محاباة لأحد، ووضع جدول زمني مُلزِم لتلك الشركات منذ تاريخ الإعلان، وصولا للإعلان عن المقبولين في تلك الوظائف دون تسويف الأوقات، كما يُواجه أبناؤنا اليوم من تسويف للأوقات عند متابعتهم إجراءات التنافس على الوظائف.
- البحث عن الشواغر في جميع القطاعات الحكومية والخاصة، خاصةً إذا علمنا أنَّ هناك فرصًا ضخمة وكثيرة في عدد كبير من المؤسسات وفي مختلف القطاعات، والمواطن على استعداد للعمل فيها.
- فصل القوى الوطنية عن القوى الأجنبية في المؤسسة من خلال وزارتين سيُعطي أريحية لوزارة العمل في تنظيم سوق العمل، خاصة مع حصر الوظائف التي يُمكن أن يعمل فيها المواطن ويحل مكان العمالة الأجنبية.
إنَّ إنشاء وزارة جديدة تُعنى بالقوى الوطنية سوف يُسهِّل كل هذه المعيقات، وسيُفسح المجال للباحثين عن عمل في حصولهم على وظائف كثيرة يزخر بها الوطن، وتحتاج إلى تكاتف الجميع من جهات مسؤولة وأصحاب الشركات والمؤسسات ووجود قاعدة بيانات حقيقية يتم متابعتها من الدولة لكل الشواغر والفرص الوظيفية سوف يحل مشكلة الباحثين عن عمل، ويضع للقوى الوطنية الصاعدة قاعدة بيانات مستقبلية مع تنامي وتعافي الاقتصاد، وتحسُّن أسعار النفط، والطفرة القادمة في جميع المجالات التنموية في البلاد بإذن الله، ومع العهد المتجدد للنهضة العمانية الشامخة سيتحقَّق الخير والرخاء لأبناء الوطن في ظل قائد حكيم، وموطن غني بالثروات والمنجزات، وشعب كريم قادر على تحدي الصعاب وبناء الوطن.
وختامًا.. آمل أنْ يتحقَّق الخير على ثرى هذا الوطن، ويتم إنشاء وزارة أو هيئة معنية بكوادرنا الوطنية، وتتبنَّى مخرجات الجامعات والكليات والمعاهد في توظيفها بما يتوافق وسبل إعدادها ليتحقق الأمل في بناء عُمان بسواعد أبنائها والأجيال القادمة.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها أبية بهية، ومنَّ عليها بالأمن والأمان والخير الوفير.
* عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية