رفات شيخ في موطن كرامة

 

 

‏راشد بن حميد الراشدي

عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية

 

سرٌ بين العبد وربه لا يناله إلّا المُتّقُون، وكرامة تأبى إلّا أن تتحقق بعد أربعين عامًا من وفاته- رحمه الله- ولا نزكي على الله أحدًا..  هكذا تحققت رغبة نقل رفات الشيخ الوقور الشيخ طالب بن علي الهنائي- رحمه الله- إلى مسقط رأسه بلدة بلاسيت بمحافظة الداخلية، بعد أن عاش أواخر أيام حياته في جمهورية مصر العربية، ودُفن في مقابرها.

غير أن التوسع العمراني وتغيير استعمال الأرض التي زحف العمران باتجاهها، أكرم الشيخ الوقور بنقل جثمانه بعد موافقة كريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- وتوجيهاته السامية التي كان لها أكبر الأثر في أسرة الشيخ؛ حيث تحدث عدد من أحفاد الشيخ عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن هذه المكرمة للشيخ الراحل وأسرته الكريمة، ورفعوا أسمى عبارات الشكر إلى مقام جلالته- أيده الله- ولكل من ساهم في دفن الشيخ بمقابر بلدته، وبذلك تكون رفات الشيخ قد عادت لوطنه الأم.

إن التسامح ونبذ الفرقة والخلاف ولم الشمل هو ديدن العمانيين منذ القدم، وقد قامت عليه النهضة العمانية الحديثة منذ بدايتها على يد السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وتواصلت إلى اليوم على يد مجدد النهضة وفارسها السلطان هيثم بن طارق المفدى، في تناغمٍ تامٍ مع مقتضيات كل مرحلة من مراحل جمع ولمّ الشمل؛ حيث توحّد الوطن منذ بداية النهضة في محافظة ظفار، كما توحّد في داخل وساحل عُمان، وتوحّد بعودة المغتربين من بقاع الأرض التي هاجروا إليها لظروف معيشتهم أو بسبب ظروف سياسية كانت تمر بعُمان في حقبة ما قبل عام 1970؛ ليتحقق الأمل بوطنٍ ينعمُ بالسلام والمنجزات، ولتنهض عُمان، ويرفرف مجدها عاليًا بين دول العالم؛ وطنًا متماسك الأركان والبنيان في نماء وازدهار وعيش كريم.

إن عودة رفات شيخ كريم إلى وطنه هي عودة روح أحد أبناء الوطن وتكريمًا له ولأسرته، وهي دلالة على اهتمام الوطن بأبنائه، وسعيه لجمع شمل الجميع في موطن الكرامة عُمان.. ونسأل الله للشيخ الراحل المغفرة، ولموتانا وموتى المسلمين.

حفظ الله عُمان وطنًا شامخًا، وسلطانها قائدًا ملهمًا، وشعبها عزيزًا غاليًا، فقد رقد رفات الشيخ في موطن الكرامة.