د. خالد بن علي الخوالدي
تصاعدت موجة الاستنكار والتنديد ضد الكلمات المُسيئة التي أطلقها مسؤول في الحزب الحاكم الهندي، في حق خير الأنام وأطهرهم وأنقاهم وأجملهم خُلقًا وخلقة، لكن هذا لا يكفي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأين هي أمة مُحمد عن نصرته ورد الإساءة عنه فعلًا وليس بالعواطف، فكم طالبنا بمقاطعة للبضائع التي هي أقل رد فعل لكنها مؤثرة فيمن يتطاول على خير البشر فنحن أمة يقدر عددها بملياري مسلم.
إننا لا نُطالب سوى بأن تنهض الأمة من سباتها ونومتها والتفكير مليًا فيما يُحاك لها بالليل والنهار، نطالب بأن تكون ردات الفعل قوية ومزلزلة، وليست عاطفية تدوم لأيام ثم تزول، نُطالب أمة النبي الكريم بالتمسك بسنة حبيبها والالتزام بما جاء في شريعة الإسلام، وعدم القبول بالتطاول على شخصه الشريف بالقول أو اللمز أو التلميح؛ سواء ممن يدعون أنهم مسلمون أولاً ثم من غير المسلمين، فعندما يثور رجال ونساء من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لأنَّ أطفالاً يقرأون القرآن الكريم قبل الطابور المدرسي ويزمجرون ويغضبون ويرسلون رسائل شديدة اللهجة لمنع هذا الأمر، فهذا نذير على عدم محبة الله ورسوله وكتابه الكريم، وعندما تخرج فئة عن الذوق العام وعن الشريعة الإسلامية والقوانين الجامعية والعادات والتقاليد العمانية الأصيلة في فن هابط وحركات مُخزية لا تليق بالحرم الجامعي المخصص للعلم والمعرفة، ويصمت هؤلاء أنفسهم الذين تنطعوا على قراءة القرآن الكريم، فهذا يعني أننا أمام فئة تدّعي الإسلام؛ وهي أخطر عليه من أعدائها. وإذا كان من يدعي الإسلام هذا شأنه فما بالك بردة فعلنا تجاه غير المسلمين الذين يمنون النفس بعودة الحياة البشرية إلى الظلام الروحي بعد نور الإسلام ويسعدون بكل تراجع يعيشه المسلمون ويفرحون عندما تهان مُقدرات دين الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
إنَّ الرسول الحبيب وسيرته العطرة يدافع عنها المولى سبحانه وتعالى ولا حاجة لنا في نصرته فقد قال سبحانه (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِىَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٍۢ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِىَ ٱلْعُلْيَا ۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:40).
ومهما قال عنه عدد من البشر من ذم وإهانة واستهزاء فلا يؤثر على سيرته العطرة وهو كمن يرمي إبرة في البحر، ومهما مدحه المادحون فلن يصلوا إلى ما زكى به الله سبحانه ﻧبيه الكريم حيث زكاه ﺗﺰﻛﻴﺔ ﻣﺎ ﺯﻛﺎﻫﺎ ﻷﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ، فقد زكاه كله فقال (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وﺯﻛﺎﻩ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻪ ﻓﻘﺎﻝ (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) وزكاه في بصره فقال (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) وزكاه في فؤاده فقال (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ) وزكاه في صدره فقال (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) وزكاه في ذكره فقال (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) وزكاه في طهره فقال (وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ) وزكاه في معلمه فقال (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) وزكاه في صدقه فقال (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ) وزكاه في حلمه فقال (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) فمن هذا الذي يأتي بعد هذا ويقدح فيه صلى الله عليه وسلم ومن هذا المعتوه الذي يلمز في سنته المطهرة ويسيء إليه.
إلّا رسول الله ليس هاشتاجا نطلقه، ولا ترندا نسعى لأن يتصدر، لكن لابُد أن تكون حقيقة في القلب يصدقها العمل، إلا رسول الله نقولها صدقاً فهو معلمنا وتاج رؤوسنا وسيدنا وأميرنا وحبيبنا ومهجة فؤادنا، وعلى كل مسلم إن يستشعر إلا رسول الله شعورا واقعيا ونهجا ودليلا وطريقا إلى الهدى والسلام والمحبة لا أن تكون شعارات وكلمات عابرة، ودمتم ودامت عمان بخير.