ناصر بن سلطان العموري
لا أعرف شخصيًا شيخة الجساسية، ولم يسبق أن التقيت بها، ولكني وأنا استمع للمقطع المُتداول لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تتحدث في الفعالية الإقليمية الثانية (TED)، والتي أقيمت مؤخراً في جامعة الحسين التقنية، في عمّان بالمملكة الأردنية الهاشمية، كانت الكلمة التي صدحت بها شيخة محفزة وملهمة للغاية وهي تحكي سيرتها وكفاحها.
ولمن لا يعلم؛ فشيخة الجساسية كفيفة من ذوي الإعاقة، لكنها لا تختلف عن الأصحاء في شيء؛ بل تكاد تكون أفضل من أصحاء كُثُر وبمراحل من حيث الهمة والعزيمة وشغف الطموح.
شيخة الجساسية قدمت رسالة للمُبصرين الأسوياء قبل غيرهم جوهرها أن العزيمة والإصرار صفات ينبغي للمثابر أن يتحلى بها ولا يدع أي عائق يحول بينه وبين ما يصبو إليه، وأن طريق النجاح مليء بالعثرات والصعوبات. وحده صاحب الهمة العالية فقط من يصل إلى المبتغى؛ فالإرادة هي ما يتيح لك تحقيق أحلامك.
أدعو الجميع إلى مشاهدة المقطع الشيق، والذي سردت فيه الجساسية للحضور مشوار حياتها ابتداء من طفولتها وحتى تلقيها التعليم بالخارج، حينما كانت السلطنة تفتقد لمدارس تعليم ذوي الإعاقة، مرورا بعودتها للبلد وحصولها على معدل كبير أهّلها للدراسة في جامعة السلطان قابوس حتى وصلت إلى ماوصلت إليه حالياً حينما أصبحت فردا فعالا في المجتمع تمارس دورها بكل جودة وإتقان، وكل هذا لا يتحقق إلا بدعم الأسرة لأبنائهم من ذوي الإعاقة، وهو ما رأيناه كأفضل مثال في قصة شيخة.
من الخطأ أن نطلق على ذوي الإعاقة أو ذوي الاحتياجات الخاصة لقب "معوقين" فهي فئة كبقية فئات المجتمع لها احتياجات ومتطلبات خاصة نظرًا لوضعهم، ولا بُد من توفير هذه الاحتياجات لهم، وفي حال القصور في توفيرها، ربما قد نتسبب في ازدياد إعاقتهم وحرمانهم من الوصول إلى تعليمهم ومستقبلهم. وأستغرب حقيقية حينما علمت أن الكفيف لا راتب له من قبل وزارة التنمية الاجتماعية مثله كسائر أقرانه من ذوي الاحتياجات الأخرى، ولا أدري ما السبب؟! والحل فقط يتمثل في تقديم طلب مكتوب للوزارة للحصول على المساعدة، وكلنا نعلم أن هذا الطلب سوف يمر بسلسلة من الإجراءات الإدارية البيروقراطية، والله هو الذي يعلم متى تتم الموافقة على الطلب؛ فالكفيف ربما تكون حاجته أشد للمادة لا سيما في هذا الزمن تقديرا لوضعه، وأقلّ ذلك منحه راتبا كمساعدة إلى حين حصوله على عمل أو مصدر دخل آخر يكون عونا له. وعبر هذا المقال نناشد وزارة التنمية الاجتماعية مراجعة تصنيف حالات ذوي الإعاقة المستحقة للراتب نوعا وكمًّا، وزيادة مقدار ما يتم منحهم؛ فهناك فئات في أمسّ الحاجة لها، وتكاد تكون حالتها أصعب من غيرها. والراحمون يرحمهم الرحمن.