زعماء العامة

 

عائض الأحمد

 

من مظاهر الحياة وطبيعتها التعامل مع الأشياء كما هي، دون تأويل أو تفسير قد يجنح بك إلى مالا تحمد عقباه، "البساطة" تعني قبول الآخرين بكل أحوالهم، فنحن نعيش على الأرض لعمارتها، وليس لتنازعها وفرض مانريده على الآخرين بدون وجه حق.

ننصت دائماً عندما يأتي النقد من خارج الديار بل ونعيده ونصدقه، وربما نتبناه سلباً أو إيجابا، المهم أنه وكما يظن البعض من عالم متحضر، اختصر تجاربه الإنسانية في مشاهد حياتية يومية تمارس بعفوية مطلقة كما يقولون، وكأننا قوم نعيش في القرون الوسطى، لم نعد نؤمن بقدراتنا وثقافتنا ونرحب بكل دخيل، بحجة التطور

ومسايرة الحضارات المختلفة في أدق تفاصيلها، دون النظر إلى مايفيد وترك ما سواه. نرحب ونتغنى ونستشهد بذلك الوزير الغربي وهو يتسوق من أحد المراكز الصغيرة في مدينته الشهيرة وبساطته وتواضعه الجم وكأنه أتى بما عجز عنه غيره، وعندما يفعلها أحدنا تقوم عليه قائمة الرفض والمبالغة والشجب وصرخات الاستهجان، محملا بتساؤل غريب لماذا يظهر بهذه الصورة بين الناس ألم يكن الأجدى أن يقوم بها أحد موظفيه، هذا بعد كل ما يطاله من تشكيك بأنه يبحث عن بقعة ليضع عليها قدميه فلا تفرحوا كثيرا لسان حالهم "يغنيك عن سؤالهم".

هذا التضاد المزعوم والمدعوم بثقافة التصنع من مريدي النقد ليس أكثر، يؤسس لجيل متعالٍ لاينظر إلى سلوك أمته نظرة سوية تجعل منه قائدا في منزله في أحسن الظن، إن كتب له يوما مركز قيادة.

صمت القائد.. تحدث القائد، وما بينهما مؤيد ومستنكر؛ لم أعد معك ولست ضدك ولم يعد لي رأي، يكفي أن تتوه بين طرفي صمت وحديث وتنسى لماذا فعل هذا، وكأنها تخالف طبيعته وسلوكه قبل هذا وبعده، الحقيقة أعجزنا من نعيش معهم، وأتعبنا من سيأتي خلفنا، لربما سيقضي وقتا أطول في محاولة تنظيف و"سحق" وتذريه كل متسخ عبر فضاء يفضحه حقد أعمى يسلط ضوءه "الأسود" فيراه "المراهقون"سلوكا وفكرا حقا يجب اتباعه، ومنقصة لا تغفر تجاوزه، دون الوقوف والسلام ومعانقته والنهل من منهله العذب.

إن أصابك الملل وفقدت الشغف وانكفأت على نفسك، تترقب نهاية الآخرين، فتذكر بأنها دوافع لحظية تسكن أفكار جسد خامل تحركه غيرة وجحود وصلف، سيقصيك ويظهر عجزك وكأنك تلقي محاضرة عنوانها "الصحة العامة" في مصحة "أمراض عقلية".

من صنع هذه الطبقية أكبر المنتفعين وهم من يروج لها، ليجعلوها بروتوكولا في إطار ظاهره حضاري وباطنه سلوك فظ نقبله تارة وننتقده تارة أخرى.

الحياة ليست مليئة بالعقد وليست أسهل مما تظن هي بين ما تريد وما تستحق، "البساطة" ومرونة التعامل مفتاح لقلوب الناس وافتعال الأزمات والتشدق بمفردات العصر والتظاهر بما ليس فيك خنوع وانكسار، إن استطعت أن تلمس ذاتك دون تجمل فستجدها راضية مطمئنة تتعايش مع كل المنغصات بسلام.

 ختامًا.. ربان المركب يسمح لك بالسؤال وقت الحاجة، لكن لن يدع يديك تلمس الدفة.

***** 

ومضة:

الحالمون لا يسألون عن الوقت.

يقول الأحمد:

الوداع لا معنى له في علم الجغرافيا، الأرض باقية بمن عليها، ربما تختلف التضاريس ويبقى الجبل.

الأكثر قراءة