خليفة بن عبيد المشايخي
تنتهج الكثير من الدول مجالات تنموية مختلفة تقوم على صناعات مختلفة تكسب من ورائها عائدات ضخمة، يفترض أن تدخل في تحسين جودة الحياة الإنسانية والوضع الاقتصادي والمعيشي لذاك البلد، وتطوير أهله ورفاهيتهم وراحتهم، وتعزيز قوة البلد اقتصاديا، إلى جانب أنه يفترض أيضا من خلال تلك الصناعات أن ترفد أسواق العالم أجمع، بأشكال وأنواع متعددة من تلك الصناعات، وما تتمتع وتتميز به، وكذا الحال لجهود الزراعة والتجارة.
وإذا ما أردنا تسليط الضوء على الواردات الزراعية إلى السلطنة، سنجدها والحمدلله كثيرة ومتنوعة، ونكاد نجدها متوفرة ومتواجدة على مدار العام، وقس على ذلك مجالات التجارة التي تستثمر وتنتج بضائع كثيرة. لكن تطور ونماء أي بلد، يعتمد على ما ينتجه ويقدمه لأهله وناسه، سواء كان ذلك مصنوعا أو مزروعا أو منتوجا، ولهذا فإن الزراعة في عمان تعد عصب الحياة لدينا منذ قرون سحيقة، وهي من المجالات المهمة التي يعتمد عليها الإنسان العماني قديما وحديثا في رزقه وعيشه ومصدر رزقه.
وتعد النخلة في السلطنة ثروة غذائية تمس حياة المواطنين بدرجة أولى، ولا تجد بيتا عمانيا يخلو من محصل النخيل؛ سواء كان ذلك تمرًا أو رطبًا أو بسرًا. ولما للنخلة من أهمية كبيرة لما تجود به هذه الشجرة السخية من أصناف متعددة مما تنتجه، فإنه منذ انطلاقة النهضة المباركة، أولت الحكومة الرشيدة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- اهتماما كبيرا بالنخيل لإدراكها للأهمية الاقتصادية والاجتماعية لها، فاعتمدت الحكومة عدة برامج منها مشروع إكثار النخيل والفسائل ونشر الأصناف المميزة، ومشروع رفع إنتاجيتها.
وفي هذا السياق المتصل، أُطلق في عام 2009، مشروع زراعة المليون نخلة، وذلك لتحقيق الأمن الغذائي بالسلطنة حاضرا ومستقبلا، ولتحقيق الاكتفاء الذاتي مما تنتجه النخيل عامة؛ إذ كما نعلم فإنَّ التمور تعد من أهم عناصر الغذاء اليومي في كل بيت عُماني، وبالتالي كان يراد من مشروع زراعة المليون نخلة، أن يكون من المشاريع المهمة ذات الجدوى الاقتصادية العالية، التي من الممكن أن تخدم عمان من أقصاها إلى أقصاها، في توفير محاصيل النخيل من الرطب والتمور والبسور بشكل أكبر، يعم أسواق السلطنة كافة. وكان من المؤمل كذلك، أن ترفد مساحات النخيل وزراعتها بالعدد الذي أمر به السلطان قابوس- طيب الله ثراه- قطاع الزراعة عمومًا، بمقومات واعدة من محاصيلها، وتفتح آفاقا أرحب للاستفادة من النخلة برمتها، ورفع كفاءة إنتاجها وتحسين نوعها.
والاهتمام بالنخلة والاعتناء بها من قبل أهل عمان، أمر لا يحتاج وصفا أو سردا، فهو غني عن التعريف والذكر، إلا أنه حينما أمر السلطان قابوس بزراعة مليون نخلة في العام المذكور أعلاه، استبشرنا خيرًا في أننا سنجد أسواق السلطنة، تعج بأنواع وأشكال الرطب في الصيف، والتمر في الشتاء، لكن لم تكن النتائج كما التوقعات.
السؤال الذي يطرح نفسه، متى سيكتمل مشروع المليون نخلة؟ ومتى سيتمكن المواطن من مشاهدة حجم الإنتاج المتوقع، في أسواقنا المحلية.
لا شك أنَّ زراعة مليون نخلة ليس بالأمر الهين ولا العدد اليسير، لكننا نأمل أن نرى منتجات هذه النخيل في الأسواق، خاصة في ظل التطورات التكنولوجية في مجال الزراعة، والأدوات والوسائل الحديثة في هذا القطاع التي تساعد على زيادة الإنتاجية بل ومضاعفتها بأقل الموارد.